قبل خمس سنوات من الآن، ستتعجب كثيراً لو إتهمك أحدهم بالهوس الالكتروني، لكن الحقيقة التي توصلت اليها دراسة نُشرت مطلع هذا الشهر في علم النفس السلوكي بأن استخدامنا للهواتف الذكية قد دخل مرحلة الإدمان. تلقيت بالأسبوع الماضي اتصالاً هاتفياً من صديقي في جامعة الملك سعود وكان ضمن حديثنا أن طرح سؤاله ” كيف ترى مستوى الطلاب في وقتنا الحالي؟ هل هم أقل ذكاءً؟! فكان جوابي: لا، بل أعتقد أنهم أكثر ذكاء من أجيال سبقتهم، لكن المشكلة يا صديقي تكمن في أنهم مصابون أكثر من غيرهم بداء “الهوس الالكتروني” وهو ما يصفه دكتور التربية ابراهيم الخليفي “بهوس الشاشات”. إنه إدمان الأجهزة الذكية، حيث لم يتبقى للطالب الوقت الكافي للتركيز على تحصيله الدراسي. فالعالم بدأ باقتحام مساحات أوقاتهم اليومية عبر كافة التطبيقات الاجتماعية والترفيهية التي تستنفذ أوقاتهم من خلال الهواتف الذكية. أنهيت محادثتي مع صديقي واتجهت في اليوم التالي لاختبار طلبتي واذا بي أشاهد في أحد الممرات عدداً من الطلاب وقد انحنت رقابهم منهمكة بالهواتف الذكية بشكل مُلفت. وعبر حديثي مع بعض طلبتي وجدت أن تأثير الهواتف الذكية قد يصل الى أن يشغل ما يقارب 70٪ من يوم الطالب !!! فماذا أبقى الطالب لتحصيله الدراسي؟ أتساءل؟ تشير الدراسة التي قام بها باحثون أوروبيون في علم نفس السلوك (بار وآخرون 2015) إلى أن ادمان الهواتف الذكية له مخاطر كتقليل القدرات التحليلية والتخيلية لدى الأفراد. كما أنه أيضاً يؤثر سلبا على قدرات التحليل والفهم والتحصيل العلمي حيث أن شغف البحث عن المعلومة قتلته سرعة التقنية وهي بينما توفر ميزة بحثية جيدة للباحثين المتعمِّقين الا أنها تقتل شغف البحث لدى أولئك ضعيفي التحصيل العلمي. لذا فإن تقليل تواصل الطلاب مع الأجهزة الذكية له دون شك فوائد في جعل يومهم الدراسي يوماً طبيعيا وخاصة لأولئك ممن يتوقون لمستقبل علمي ناجح.