أثبتت السنوات الأخيرة أنه لا يكاد يمرّ يوم من الأيام، دون أن تظهر بصمة “مشينة” من “حلفاء الشر” في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، خصوصاً فيما يخص تأثيرات “نظام الملالي” الإيراني و”تنظيم الحمدين” القطري وبقية الموالين لمخططاتهما الإرهابية المتنامية. ولعل التقارب المهم والمستمر بين السعودية وباكستان، يصب في محور تعزيز الوقوف الصلب ضد أي محاولات لتفشِّي مظاهر التطرف في المنطقة بدعم هذه القوى الإقليمية المعادية. ولعل تحكيم صوت “الاعتدال” وتدعيم منهج الوسطية الذي تتبناه السعودية بتركيز أكبر حالياً بدعم مباشر من القيادة السعودية وبجهود ميدانية تحديداً من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، أسهم كثيراً في استمرار تلك الوقفة ضد تلك المظاهر الإرهابية المتطرفة. تقارب مع “الإسلام المعتدل”: قبل أن تبدأ زيارة ولي العهد إلى باكستان، اهتم علماء باكستان بالإضافة لعدد من قادة الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية ورجال الفكر بعقد مؤتمر يوم الخميس الماضي (14 فبراير)، ركّز على إظهار صوت الاعتدال إسلامياً، في إطار الاهتمام بما يهتم به صاحب الزيارة المهمة إلى بلادهم (ولي العهد السعودي)، الذي يولي منهج “الإسلام المعتدل” اهتماماً خاصاً. ولعل ذلك الاهتمام المشترك بين الطرفين السعودي والباكستاني، يعطي المزيد من مدلولات التقارب بشأن القضاء على كل من يسعى إلى اختطاف مظاهر الاعتدال والوسطية والتعايش السلمي من الإسلام السمح. منهج المدينةالمنورة: ولأن القائمين على المؤتمر الباكستاني المهم، الذي سبق زيارة ولي العهد، يعلمون أن دولة الإسلام الأولى في المدينةالمنورة قدّمت أول وثيقة “تعايش سلمي” من خلال التعايش بين المسلمين واليهود، ودعت بذلك إلى تأصيل الاعتدال في مختلف شعائر الدين، لهذا أوصى المؤتمرون الباكستانيون إلى ضرورة أن تخطو بلادهم نحو “إنشاء باكستان الجديدة على نهج وخطى دولة المدينةالمنورة”، حيث تطلّعوا للاستفادة من “نظام المملكة العربية السعودية الذي يدعو إلى التسامح والتعايش السلمي ومنهج الاعتدال والوسطية”. ولعل التكريس المشترك بين كبار العلماء في البلدين لمنهج الاعتدال، يقود إلى استشراف مستقبل مهم للجهود الإيجابية المشتركة لمكافحة كافة مظاهر التطرف والإرهاب في العالم الإسلامي، والمدعومة من دول “محور الشر”. الانطلاق من “اعتدال” الرياض: عندما دشّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من قادة الدول العربية والإسلامية، المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (مركز اعتدال) في العاصمة الرياض، بتاريخ 21 مايو 2017، كانت تلك بداية الانطلاق السعودي الحقيقي لتأكيد الاهتمام السعودي بإيصال منهج الاعتدال إلى العالم أجمع عبر مكافحة الإرهاب عبر كافة أشكال الفكر المتطرف. يُشار إلى أن مجلس إدارة “اعتدال” يتشكل من 12 عضواً تمثل دولاً ومنظمات. وتتلخّص مهام المركز في محاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً، وتعزيز التعايش والتسامح بين الشعوب، وترسيخ المبادئ الإسلامية المعتدلة في العالم، إلى جانب رصد وتحليل نشاطات الفكر المتطرف، والوقاية والتوعية والشراكة في مواجهته.