على خلفية ترقب العالم للحدث الأكبر وهو خروج بريطانيا رسميًا من الاتحاد الأوروبي والمقرر في 29 مارس 2019، باءت محادثات أمس المكثفة في “بروكسيل” والتي تحاول دفع المفاوضات المتعثرة حول قضية الحدود الأيرلندية بعد “بريكست” بين بروكسيلولندن بالفشل. فلم تتمكن رئيسة الحكومة البريطانية “تيريزا ماي” حتى الآن من الوصول لاتفاق مع قادة الاتحاد حول التفاصيل التنفيذية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لاسيما وأنها تواجه معارضة شرسة من داخل حزبها الذي من الممكن أن يصوت ضد خطتها المقترحة. على الرغم من تمسك “ماي” بمقترح خطتها المسماة “تشكيرز” والتي تضمنت حركة سلسة لانتقال البضائع والسلع عبر الحدود وعدم العودة للحدود الصارمة بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية كأفضل مقترح جاد وموثوق به من وجهه نظرها يصر الاتحاد الأوروبي على الجانب الآخر على عدم وجود حدود صعبة بين بريطانيا وجمهورية أيرلندا مع بقاء أيرلندا الشمالية ضمن المنطقة الجمركية الاتحادية أو إنشاء حدود في بحر أيرلندا بشكل جدي إن لم يتم التوصل لاتفاق بديل. أزمة الحدود الأكثر جدلًا تعد أزمة الحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية من أكثر القضايا جدًلا وجللًا حيث إن أيرلندا دولة تابعة للاتحاد الأوروبي والثانية انفصلت عنه وهي واحدة من الدول الأربع المؤلفة لبريطانيا (إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية) . وتسببت مشكلة الحدود البرية لأيرلندا مع بريطانيا في فشل المحادثات المكثفة التي جرت أمس الأحد من أجل التوصل لاتفاق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل قمة مرتقبة للاتحاد هذا الأسبوع. اسكتلندا وحلم الاستقلال من جانبها قالت، نيكولا ستارجن، رئيسة وزراء اسكتلندا، إن استقلال بلادها عن بريطانيا هو الحل للمشكلات الناجمة عن خروج الأخيرة من الاتحاد الأوروبي “بريكست”. وأضافت خلال مؤتمر للحزب الوطني الاسكتلندي في جلاسكو أنها على ثقة أكثر من أي وقت مضى في أن العملية الجارية في “بريكست” ستؤدي في نهاية المطاف إلى استقلال بلادها عن المملكة مشيرة أن بريطانيا لم توفر لبلادها القوة والأمن بل كانت مصدرًا للعجز والفوضى والارتباك. ودعت استارجن لتمديد الفترة الانتقالية المقترحة بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد لإعطاء الحكومة البريطانية مزيدًا من الوقت للتفاوض على حل وسط مع أحزاب المعارضة وإقامة علاقة مستقبلية “سليمة” مع الاتحاد. ونصحت ستارجن “ماي” أن تعيد النظر في قرار سحب بريطانيا من الاتحاد الجمركي والسوق بعد خروجها من الاتحاد لافتًا إلى أن البقاء سيكون الخيار “الأقل ضررًا” للاقتصاد البريطاني. آمال “ماي” في الوصول لاتفاق في تصريحات لها أمس قالت رئيسة الوزراء البريطانية أنها مازالت تتمسك بالأمل حول إمكان إنجاز اتفاق بشأن “بريكست” على الرغم من الطرق المسدودة التي تواجهها المفاوضات مع الاتحاد بسبب مسألة الحدود الأيرلندية. وقالت “ماي” في جلسة للنواب” لا يمكننا أن ندع مثل هذا الخلاف يبعد احتمالات الوصول لاتفاق جيد ويتركنا مع نتيجة سلبية لا يريدها أحد” مضيفة “مازلت على اعتقاد أن الوصول إلى اتفاق تفاوضي هو أفضل نتيجة للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ومثل هذا الاتفاق لا يزال قابلاً للإنجاز في اعتقادي”. جاءت تصريحات “ماي” عقب زيارة “دومينيك راب” وزير شؤون ” بريكست” البريطاني لبروكسيل حيث فشل في تحقيق اختراق قبل قمة حاسمة لقادة الاتحاد. وقال جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني في لوكسمبورج ” إنها فترة حرجة هناك مسألة أو اثنتان معلقتان لكنني أعتقد أنه بإمكاننا التوصل لحل وتحقيق تقدم مهم”. طلاق دون اتفاق في المقابل شدد العديد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على أن ” التوصل لاتفاق مع لندن حول البريكست لا يزال ممكننًا ومطروحًا وأن التكتل في الوقت ذاته يستعد لمواجهة الأسوأ أي الطلاق بين الاتحاد الأوروبي ولندن من دون اتفاق. من جانبه أكد “هايكو ماس” وزير الخارجية الألمانية على الاستعداد لكل الاحتمالات مشيرًا أنه لا زال يرى بصيص أمل للوصول لاتفاق بين المفوضية والمملكة المتحدة لافتًا لبذل الجميع ما في وسعه بغية التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة. من جهته، أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس "نحن مستعدون لكل الاحتمالات ومع أن الوقت يضغط الآن لكننا نعتقد أنه لازال من الممكن التوصل إلى اتفاق بين المفوضية والمملكة المتحدة وسنبذل كل ما في وسعنا للتوصل إلى ذلك في الأيام القريبة". بريكست والذل الأكبر في السياق ذاته واصل بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني السابق، هجومه على “ماي” معتبرًا أن ما تقدمه خلال المفاوضات “تنازلات كبيرة”. وفي مقالة له في “الدايلي ميل” حذر جونسون من خطورة التنازلات التي تقدمها “ماي” خلال مفاوضات “بريكست” على سمعة بريطانيا خلال المرحلة المقبلة لاسيما وأن المفاوضات وصلت إلى مرحلة حرجة وفقًا لتحليله . وأبدى “جونسون” تحفظه على الاقتراح المقدم من “ماي” بشأن الحدود الأيرلندية والذي يتمثل في بقاء بريطانيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي بشكل مؤقت وقبول القواعد التنظيمية بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية. ووصف “جونسون” هذه التنازلات “بأكبر إذلال” من الممكن أن تتعرض له بلاده بعد ما وصفه “بأزمة السويس سيئة السمعة 1956” عندما حاولت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل استعادة السيطرة على قناة السويس عسكريًا . استفتاء جديد وخيارات متعددة في انتقاده لتدبير حكومة ” ماي” للمفاوضات الحالية مع الاتحاد الأوروبي دعا، “صديق خان” عمدة لندن إلى إجراء استفتاء ثان على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ” بريكست”. وفي مقال له في صحيفة ” الأوبزرفر” قال خان إنه كان من مؤيدي بقاء بلاده في الاتحاد لكنه قبل “إرادة الشعب” في مغادرته للاتحاد. وأضاف خان – عضو بحزب العمال المعارض – أنه لم يكن يتخيل أن يدعو إلى استفتاء ثانٍ، لكنه “منزعج حيال النهج الفوضوي للحكومة تجاه المفاوضات والتي أصبحت غارقة بالاضطراب والجمود”. وقال خان: “بدلاً من القبول بصفقة خروج سيئة، أو الخروج دون صفقة، لنضع هذا القرار في عُهدة الشعب مع إعطائه خيار البقاء في الاتحاد إضافة للخيارين السابقين”.