يبدو ان المفاوضات حول بريكست تقترب من القطيعة اليوم الثلاثاء قبل زهاء ثلاثة أسابيع من موعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي، واتهمت بروكسل رئيس وزراء بريطانيا باللعب "بمستقبل اوروبا". وأمهل الاوروبيون الحكومة البريطانية حتى نهاية الاسبوع لتقديم تسوية مقبولة للتوصل الى طلاق بالتراضي بعد 46 عاما من العضوية. ودون انتظار نهاية الاسبوع لم يخف الطرفان تشاؤمهما، في ما يبدو تمهيدا لخروج بريطانيا من التكتل من دون اتفاق، أو إرجاء يريده البرلمان البريطاني. وعقب مباحثات هاتفية صباح الثلاثاء بين بوريس جونسون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل، اعتبر مصدر في رئاسة الحكومة البريطانية ان التوصل الى اتفاق بات "عمليا مستحيلا". وبحسب هذا المصدر فان ميركل حذرت جونسون من ان التوصل الى اتفاق سيكون "من غير المرجح كثيرا" اذا لم تقدم لندن مقترحات جديدة تنص على بقاء مقاطعة ايرلندا الشمالية البريطانية ضمن الاتحاد الجمركي الاوروبي، وهو ما يرفضه جونسون. والهدف من الامر تفادي عودة الحدود فعليا داخل الايرلنديتين والحفاظ على السلم داخل الجزيرة بعد عقود من أعمال العنف الطائفي. لكن في خضم الأجواء التشاؤمية أعلن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه مساء الثلاثاء عقب ما وصفه بأنه "لقاء جيد بين صديقين" مع وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفيني أن "الجهود مستمرة" من أجل التوصل لاتفاق مع لندن حول بريكست. اتهامات متبادلة واتهم رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الثلاثاء جونسون بالتلاعب "بمستقبل أوروبا والمملكة المتحدة" من خلال "لعبة سخيفة لتبادل الاتهامات" بشأن مسؤولية فشل مفاوضات بريكست. من جهته، قال وزير الخارجية الايرلندي سيمون كوفيني في تغريدة "نبقى منفتحين على التوصل لاتفاق منصف حول بريكست، لكن يتعين أن تكون هناك حكومة بريطانية راغبة في العمل مع الاتحاد الاوروبي للتوصل الى ذلك". وتتواصل الثلاثاء في بروكسل مفاوضات صعبة على قاعدة مشروع قدمه جونسون الاربعاء الماضي، في مسعى لحل معضلة الحدود الايرلندية. ورفض الاوروبيون هذه المقترحات بصيغتها الحالية ومنح حكومة وبرلمان مقاطعة ايرلندا الشمالية حق الفيتو، كما اقترح جونسون. كما يرفضون الرقابة الجمركية بين شطري ايرلندا. وبعد محادثة هاتفية جرت الثلاثاء شددا فيها على رغبتهما في التوصل لاتفاق، أعرب رئيس الوزراء البريطاني ونظيره الإيرلندي ليو فارادكار إن "أملهما بعقد لقاء هذا الأسبوع". وقال متحدث بريطاني "بلغت هذه المفاوضات مرحلة دقيقة. قطعت المملكة المتحدة خطوة كبيرة والان يجب ان نرى تحركا من جانب الاتحاد الاوروبي". لا جديد وحاولت لندن أمس الاثنين تقديم "توضيحات" لمقترحاتها. لكن بحسب مصدر اوروبي "لا جديد" في تلك التوضيحات. وأضاف مصدر آخر ان مشروع جونسون كما هو الان "غير كاف لاقناع" بروكسل و"اذا استمرت الامور بهذا النسق لا ارى كيف يمكن أن نكون جاهزين" للقمة الاوروبية يومي 17 و18 اكتوبر. وكان جونسون الذي تولى السلطة في نهاية يوليو 2019، تعهد اخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي في 31 اكتوبر الحالي بأي ثمن وذلك بعد تأجيل الخروج مرتين، رغم وجود قانون يجبره على طلب التأجيل اذا لم يحصل أي اتفاق بحلول 19 تشرين الاول/اكتوبر غداة القمة الاوروبية التي توصف بانها الفرصة الاخيرة. وفي مؤشر على تعزز التوجه الى بريكست دون اتفاق، أعلن وزير الاقتصاد الايرلندي باسكال دونووي الثلاثاء عن خطة دعم مكثف لاقتصاد بلاده بقيمة 1,2 مليار يورو بغرض تخفيف اثر هذا السيناريو. كما أكدت الحكومة البريطانية أنها "جاهزة" لبريكست دون اتفاق وذلك في وثيقة نشرت الثلاثاء استعرضت فيها استعداداتها. لكن معهد البحوث في الدراسات الضريبية رسم صورة قاتمة للوضع في هذه الحالة، مع انهيار للنشاط الاقتصادي وللعائدات الضريبية، وبالتالي ارتفاع كبير للعجز العام للمملكة. وبحسب مصدر في رئاسة الحكومة البريطانية نقلت عنه اسبوعية "سبيكتيتور" المحافظة فان جونسون يراهن على فشل المفاوضات مع الاتحاد وسيلجأ "لكل شيء" لتفادي إرجاء بريكست. وتابع انه في حال تأجيل جديد سيقود جونسون حملة من اجل بريكست "دون اتفاق" في حال تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، بغرض "تهميش" حزب بريكست المناهض للفكرة الاوروبية. وترغب حكومة جونسون في تعليق عمل البرلمان بعد انتهاء المفاوضات مساء الثلاثاء، كما هو العرف، وذلك لتتمكن من تقديم برنامجها السياسي العام الاثنين المقبل.