قدم رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، اليوم الأربعاء، اقتراحا الى بروكسل وصفه ب"التسوية" لتجنب بريكست من دون اتفاق، لكن الإتحاد الأوروبي رأى في هذه الخطة الجديدة "نقاطا إشكالية عدة". وبعد أن تسلم السلطة في نهاية تموز/يوليو الماضي واعدا بإخراج البلاد من الاتحاد الاوروبي باتفاق أو بلا اتفاق في الحادي والثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر الحالي، عرض بوريس جونسون الأربعاء ما اعتبره "تسوية معقولة" عبر رسالة وجهها الى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. لكن الأخير سرعان ما أشار الى "نقاط إشكالية" عدة في هذه الخطة التي يعتبر بوريس جونسون أنها تقدم حلا لمشكلة الحدود الايرلندية المعقدة والتي لا تزال تحول دون التوصل الى اتفاق خروج بعد أكثر من ثلاث سنوات على اختيار البريطانيين في استفتاء مغادرة الاتحاد الاوروبي. عمل كثير وفي السياق نفسه اعتبر مفاوض الاتحاد الاوروبي في شأن بريكست ميشال بارنييه الاربعاء ان "هناك تقدما سجل، لكن بصراحة هناك عمل كثير لا يزال ينبغي القيام به" بعد اطلاعه على خطة جونسون. كما أعلن مكتب جونسون مساء الاربعاء أن الاخير يريد تعليق اعمال مجلس العموم لبضعة ايام اعتبارا من الثلاثاء 8 تشرين الاول/اكتوبر، وذلك على جاري العادة قبل خطاب للملكة اليزابيث الثانية عن السياسة العامة مقرر في 14 تشرين الاول/اكتوبر. وكان جونسون علق جلسات البرلمان لخمسة اسابيع قبل أن تلغي المحكمة العليا قراره الذي ندد به معارضوه واعتبروه مناورة لاخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي بدون اتفاق. وتتيح خطة جونسون إبقاء ايرلندا الشمالية خلال فترة في المنطقة الجمركية نفسها لباقي المملكة المتحدة، ومن دون اقامة تدقيق جمركي فعلي على الحدود بين ايرلندا الشمالية التي هي مقاطعة بريطانية، وجمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الاوروبي، ما قد يهدد اتفاقات السلام الموقعة عام 1998. ويعتبر جونسون أن خطته هذه تعيد للندن الإمساك "الكامل" بسياستها التجارية بخلاف ما هو موجود في "شبكة الأمان-الباكستوب" في مشروع الاتفاق السابق الذي رفضه مجلس العموم ثلاث مرات، وكان يبقي المملكة المتحدة بكاملها في إطار وحدة جمركية مع الاتحاد الاوروبي بانتظار التوصل الى اتفاق. ويبدو أن الأسواق المالية لم تقتنع كثيرا بفرص نجاح هذه الخطة الجديدة لبوريس جونسون لتجنب الخروج من دون اتفاق، ما يمكن ان يكبد الاقتصاد البريطاني اعباء كثيرة. والدليل على ذلك إغلاق بورصة لندن على انخفاض بلغ 3%. ورحب الحزب الوحدوي الديموقراطي في مقاطعة ايرلندا الشمالية بالخطة الجديدة واعتبرها "قاعدة" جيدة لإبعاد المخاطر عن السوق الداخلية البريطانية. والمعروف ان احتمال الخروج من دون اتفاق مع الاتحاد الاوروبي وبالتالي عودة الحدود بين الايرلنديتين، يثير كثيرا قلق جمهورية ايرلندا التي تتخوف من أن يؤدي هذا الاحتمال الى تهديد السلام الذي أقر في ايرلندا الشمالية عام 1998 بعد ثلاثة عقود من أعمال العنف بين الجمهوريين القوميين الكاثوليك أنصار الوحدة مع ايرلندا، وبين الوحدويين البروتستانت المدافعين بشراسة عن البقاء تحت سلطة التاج البريطاني. والخطة الجديدة لبوريس جونسون "تلغي كل القيود القانونية على تبادل السلع بين ايرلندا الشمالية وايرلندا مع ضمان بقاء التدابير الخاصة بالسلع في ايرلندا الشمالية هي نفسها المطبقة في بقية الاتحاد الاوروبي". وسيكون على برلمان ايرلندا الشمالية اعطاء رأيه كل اربع سنوات لمعرفة ما اذا كانت ايرلندا الشمالية ستبقى في هذه المنطقة الموحدة، او ستنضم الى بقية المملكة المتحدة. بالمقابل تبقى ايرلندا الشمالية جزءا من المنطقة الجمركية لبريطانيا، ولكن من دون إقامة الحدود المادية الامر الذي يتعارض مع اتفاقات السلام الموقعة عام 1998. حواجز جمركية ؟ وأوضح جونسون أيضا ان عمليات التدقيق الجمركية ستتم "بشكل لا مركزي" عبر استمارات الكترونية و"عدد محدود جدا من عمليات التدقيق في مقار" الشركات المعنية. وفي خطابه الذي اختتم فيه مؤتمر حزب المحافظين في مانشستر في شمال غرب انكلترا مساء الإربعاء حذر جونسون أنه في حال رفضت خطته هذه فستخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي في الحادي والثلاثين من تشرين الاول/اكتوبر "مهما حصل" مشددا على أن البلاد "جاهزة للخروج من دون اتفاق". وقبل 29 يوما من موعد بريكست بات الوقت ضاغطا جدا للتوصل الى اتفاق خروج. والمعروف أن خطة رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي للخروج رفضها مجلس العموم ثلاث مرات متتالية خصوصا بسبب شبكة الامان. وكان جونسون حذر أنه في حال فشل المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي فلن يطلب تمديدا لموعد الخروج. مع العلم بأن مجلس العموم صوت على قانون يجبره على طلب التمديد في حال لم يتوصل الى اتفاق مع الاتحاد الاوروبي بحلول التاسع عشر من تشرين الاول/اكتوبر اي مباشرة بعد موعد القمة الاوروبية المقبلة.