صرخة مدوية أطلقتها صحيفة “النهار” اللبنانية صباح اليوم في عددها 26680 عندما أصدرت نسختها الورقية بصفحات “بيضاء” خلت من أي كلمات مكتوبة واكتفت بصورة النائب الشهيد “جبران تويني” على اليمين وباسم الصحيفة في الوسط وعناوين الصحيفة ووسائل التواصل الاجتماعي على اليسار. جرس إنذار أطلقته إحدى أعرق وأقدم الصحف الورقية في لبنان حمل معنيين اثنين الحزن الشديد على الأزمات التي تمر بها البلاد والتي أضحى القلم عاجزاً عن التعبير عنها والخطورة التي تهدد مستقبل الصحافة الورقية في لبنان وغيرها من الدول العربية. نهار أبيض على موقع التغريدات المصغر تويتر انطلق المواطنون داخل وخارج لبنان متضامنين مع الصحيفة بالتفاعل على هاشتاج #النهار معبرين عن حزنهم للحال الذي يدفع صحيفة بقوة وعمق النهار أن تصدر صفحاتها فارغة، الأمر الذي يشير إلى مستوى عالٍ من الخيبة واليأس على حال الصحافة الورقية في لبنان خصوصاً والوطن العربي ككل فضلاً عن حال البلد وما تعانيه وتمر به من أزمات. يقول الناشط “سامر أبو خليل” متفاعلاً على وسم النهار معبراً عن تضامنه واستياءئه “من كتر الألم تبخر الحبر وصار ضباب “. وكتب رامي لافتاً إلى تدني سعر الجرائد الورقية التي ظلت حتى الآن رخيصة الثمن قائلاً “بالزمنات كانت حياة اللبناني اليومية بتبليش ب 2750 ليرة فنجان القهوة 250 ليرة الفان ببيروت 500 ليرة التكسي 1000 ليرة الصحيفة 1000ليرة كل شي تغير إلا الصحيفة ضلت ب 1000ليرة”. وتساءلت الناشطة غوى أسعد “أتَعِبَ قلمُ الصّحافةِ من كتابةِ مصائِب هذا البَلَد وباتَ عاجزاً عن وصفِها؟! أم أنّ الصّحافة المكتوبة في لبنان دقَّت ناقوس الخطر؟ ويضيف رائد المواس “نقاشات واسعة حول مستقبل الصحافة الورقية في عالمنا العربي، المسألة حسمت منذ سنوات مضت في الغرب، حيث أقر الجميع بنهاية عصر الصحافة الورقية بكل مالها وماعليها، لكن نحن العرب نحبذ الورق ورائحته والكلمات التي تكتب عليه، #النهار كانت اليوم وقبلها عدد من الصحف التي أثرت في المجتمع العربي. وكتب البرلماني اللبناني فادي سعد “بئس هذا الزمن الذي نشهد فيه على احتضار الصحافة الورقية. السلطة الرابعة تتهاوى حجرا حجرا وصحيفة #النهار، بصفحاتها الثماني البيض هي بمثابة إنذار، عسى هناك من يستيقظ من سبات الإهمال إنقاذا لما تبقى من صاحبة الجلالة ومنعا لسقوط الهيكل على رؤوس الجميع”. صرخة ضمير وقالت إحدى الناشطات على تويتر فطيمة عبدالله “النهار مستمرة ورقياً وإلكترونياً، وصدرت اليوم بالأبيض احتجاجاً على استحالة تحمّل كلّ شيء. صرختنا بالقلم، وهو وسيلتنا إلى الاعتراض والرفض. هذه المؤسسة ضمير حيّ. وعلى إثر الجدل الدائر عقب صدور الصحيفة بالأبيض حسمت رئيسة تحرير الصحيفة نايلة تويني في مؤتمر صحفي ملابسات صدور الصحيفة بالأبيض وقالت “صرختنا اليوم هي لنقول إنّ الوضع لم يعد يُحتَمل، وصفحات “النهار” هي صفحات الشعب، وهدفنا دعوة المسؤولين إلى صرخة ضمير”. وأضافت تويني: “نواجه مرحلة من أشد المراحل خطورة في لبنان وصفحات النهار البيض هي لحظة تعبير مختلفة عن شعورنا الأخلاقي كمؤسسة إعلامية تجاه وضع البلد الكارثي”. وأعلنت تويني إطلاق شعار “نهار أبيض بوجه الظلمة”، متمنية أن يكون إصدار اليوم نقطة تحول وناقوس خطر تجاه الأزمات، لافتة إلى أن التفاعل الذي لمسته اليوم أكبر دليل إلى أهمية دور الصحافة. ودعت المسؤولين لتشكيل الحكومة بأسرع وقت، موضحة أن الأزمة ليست أزمة صحافة فحسب، بل هناك أزمة كبيرة في البلد ولا بدّ من التحرّك لإنقاذ لبنان نافياً ما تم تناقله من إقفال الصحيفة قائلة ” “نحن مستمرّون ورقياً وإلكترونياً رغم ما يمرّ به البلد من أزمات”. يذكر أن جبران تويني الذي احتفظت الصحيفة بصورته على اليمن كان رئيس مجلس إدارة الصحيفة الذي اغتيل في ديسمبر 2005، وكان اغتياله يهدف للتخلص من الصحيفة فهو الرجل الذي استطاع أن يضخ النبض في عروق الصحيفة ويبقيها على قيد الحياة، ولا يمكن الفصل بأي حال من الأحوال بين أزمة الصحافة اللبنانية وأزمة لبنان ككل.