عن عمر يناهز المائة عام وبعد معاناة مع مرض القلب انتقل إلى رحمة الله تعالى الأستاذ والمربي الشيخ محمد بن أحمد البشري أحد كبار أعيان قبيلة آل الخلف بني بشر وأحد أقدم رجالات التعليم بمنطقة عسير. وسوف تؤدى الصلاة عليه بعد ظهر اليوم الجمعة بجامع الراجحي بأبها ويدفن بمقبرة الموصلية والبشري. تخرج البشري عام 1364 من المدرسة السعودية بأبها ويعتبر من ضمن أول دفعة بالمدارس السعودية في المنطقة الجنوبية وعمل رحمه الله في وزارة الصحة ممرضا وكان له دور في مكافحة ما سمي بالطاعون الذي عم عددا من القرى في منطقة عسير ومنها قرى سراة عبيدة. عمل البشري بعد ذلك في التعليم فأسس ابتدائية العرين، ثم واصل في سلك التعليم وشارك في تأسيس ابتدائية العسران عام 1369 ثم مدرسة البوطة عام 1375بسراة عبيدة ثم انتقل إلى قريته آل الخلف بني بشر وافتتح مدرسة أحمد بن مدهش عام 1380 وكان المعلم السعودي الوحيد آنذاك. ويعتبر البشري أول من قام بتعليم البنات بمنطقة عسير حيث قام بتدريس بناته الثلاث ودمجهن مع طلاب المرحلة الابتدائية عام 1380ووضعهن في الصفوف الخلفية للطلاب وبعد إكمالهن الصف الرابع الابتدائي انتقلن مع والدهن إلى مدينة أبها وأكملن تعليمهن وكُن من أوائل المعلمات على مستوى منطقة عسير. أكمل البشري مسيرته وشارك في تأسيس ابتدائية المسقي عام 1384 وشارك في تأسيس ابتدائية الفرعاء فأحب أهلها وأحبوه وقام بالتدريس هناك لعدة سنوات ثم عاد إلى معشوقته أبها واستلم العمل في تعليم عسير ثم بدأ منعطفا صعبا في الإدارة وقسم الهندسة والصيانة والأراضي. وبذكائه الفطري ومعرفته بسلوك قبائل عسير وبتوجيهه من مدير التربية والتعليم الشيخ محمد الفواز رحمه الله استطاع أن يصنع خريطة لتوزيع المدارس بين قبائل الجنوب تهامة وسراة عبيدة فكان يختار الأراضي في أماكن متوسطة بين القرى لخدمة أكبر عدد من الطلاب ولمنع العنصرية القبلية وكان يحث مدراء الأقسام في تعليم عسير على سرعة طلب الوزارة لميزانية بناء مدارس المنطقة ويذهب بنفسه إلى الوزارة وعلى حسابه الخاص وقد وفق هو وزملاؤه في إدارة تعليم أبها في نشر المدارس بالمراحل المختلفة في تهامة والسراة. أُحيل إلى التقاعد عام 1397 بعد رحلة طويلة من التفاني في إرساء العملية التعليمية في منطقة عسير ومسيرة امتدت لأكثر من 40 عاما مليئة بالذكريات الجميلة متنقلا ما بين القرى والهجر والمراكز في تهامة والسراة فكان هذا الحب والعطف لكل من عرف أبا يحيى. "المواطن" تعزي أسرة الفقيد وقبيلته وتسأل الله له المغفرة والرحمة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.