وصلني ووصلك المقطع.. شاب يدفع سريرًا به أمه المسنة المريضة، ومعها المرافقون، مناشدًا الجميع بإيجاد الحل، مرددًا بأن المستشفى والقائمين عليه قد طردوه وطلبوا منه مغادرة الطوارئ ولم يقدموا له العلاج.. ناهيك عن سوء المعاملة كما يقول، لسبب بسيط وهو عدم توفر سرير، ملاحقًا بكاميرا التليفون كل من في الطوارئ موثقًا معاناته صوتًا وصورة. وزاد الطين بلة أن من أرسل الفيديو بالواتساب وضع تعليقًا.. هذه صحة جازان وهذه كوارثها.. مع العلم أنه لم يرَ جازان وأهلها الطيبين سوى في أحلامه، وعلى مبدأ "من سبق لبق" لم يملك الكثير سوى التصديق؛ ومن ثم التعاطف مع الحالة وبث شكواهم وحزنهم، سائلين الله صلاح حال الصحة الجيزانية واللطف بالعباد. أما ما لم يتم تصويره ولم ينشر إلا بعد الهنا بسنة فهو أن المريضة زارت الطوارئ قبل الحادثة بأيام، وتم تقييم حالتها من الفريق الصحي وأخذت العلاج اللازم وغادرت المستشفى حسب توصية الفريق الصحي، ليتم تقديم الشكر بطريقة مبتكرة، وذلك بالبصق على الطبيبة المعالجة ليكتفي المستشفى بعمل محضر!! وبعدها بيومين عادت المريضة مرتين في يوم واحد للطوارئ بالهلال الأحمر، وقد أعطيت الدواء، ولم تكن حالتها تستدعي التنويم؛ فغادرت إلى منزلها حسب توصيات الفريق المعالج، وفي اليوم التالي حضرت المريضة للطوارئ، وتم عمل اللازم، وطلب من الأهل الانتظار؛ حتى يتوفر سرير لإكمال باقي الفحوصات السريرية ومن ثم تنويمها، لكن المطالب تغيرت، ولعل أبرزها التحويل لمستشفى خاص (وهذا حق للمريض متى استوفت الشروط)، لكن المرافق رأى أن أيسر السبل وأسهلها هي تصوير فيديو والفضيحة ورفع الصوت. وربما من وجهة نظر المرافق أن تلك أفضل وأقوى وأسهل السبل لنيل بعض الحقوق، كيف لا وكل ما في الأمر هو محضر وربما صلح إن لم يطلب من الفريق الصحي الاعتذار كما جرت العادة! لك الله أيها الفريق الصحي الذي قام ومن منطلق الإنسانية والمهنية وحرصًا على صحتها باللحاق بالمريضة وإعادتها إلى الطوارئ وعمل اللازم ليتضح عدم الحاجة للتنويم لتغادر المستشفى. وبعد هذه الأحداث لم يظل في ذاكرة الأغلبية سوى تقصير المستشفى وقلة الخدمات الصحية!!.. تُرى لو تم إبلاغ الشرطة بحادثة البصق ونشرها في الإعلام هل ستتغير الصورة؟! وهل سيجرؤ على مهاجمة الفريق الصحي مرة أخرى؟! وهل سيجد ولو بعض التعاطف؟! والأمر الآخر من أباح له ولأمثاله أن يدور بجواله ويصور الفريق الصحي رجالًا ونساءً، متهمين وأبرياء ويقوم بنشرها دون رادع أو خوف؟ كيف لا ومن أمن العقوبة...، وأخيرًا وليس آخرًا لو أنه في طوارئ التخصصي أو الحرس أو العسكري هل سيرفع صوته ويهاجم ويصور؟! بقي أن نشارك إدارة المستشفى وإدارة الشؤون الصحية بأي منطقة عجزها عن الرد أو التصريح لفقرهم لصلاحية الرد أو النفي أو التوضيح وحتى الشجب والاستنكار، وعليه لا تثريب على صمتهم ولا حرج على تقصيرهم في معالجة الأمر مباشرة قبل انتشار المصيبة، فإدارات الإعلام والعلاقات العامة بالمديريات لا حول لها ولا قوة، وليس لهم إلا الصبر. بقي أن نؤمن بأن جازان بها مستشفيات جيدة وبها كوادر ممتازة جدًّا، وندرك أن هناك بعض الغزارة في الخدمات، لكن الكثير من سوء التوزيع. وكم أتمنى أن يعاد النظر في العديد من مستشفيات الخمسين سريرًا بالمنطقة والاستفادة منها بالطرق المثلى، وتخصيص الملك فهد ومحمد بن ناصر للحالات المستعصية وجعل طوارئها للحالات الطارئة وليست للزكام، ودعم مراكز الرعاية الأولية.. وإلى أن يتم ذلك أكثروا من الدعاء.