تتسع دائرة النقاش، عند التطرق إلى حذف أسماء القبائل من الهوية الوطنية، فبين من يراه وسيلة لنبذ الفرقة والتعصب، وبين من يتمّسك بجذوره العربية الأصيلة، تباينت ردود الفعل، لاسيّما عقب مقال الكاتب خلف الحربي “حذف اسم القبيلة”، الذي أورد فيه تطويرًا لمقترح أحد أعضاء مجلس الشورى، عبر تحويل الأسماء كافة إلى أرقام. (وَيَا دار ما دخلك شر)، ويا تعصب (العب برا وبعيد). إخفاء القبيلة هراء ولكن: وطالب الحربي، في حال قبول هذا الاقتراح، وضع الآليات لمنع (المهايطية) من الحصول على أرقام مميزة لهم ولأبنائهم يستفيدون منها في الشيلات، معتبرًا أنَّه بالتالي لن يعرف أحد أصل المواطن وفصله، أو من هم أهله وأجداده، مستشهدًا بالأوضاع التي شهدها العراق واليمن، ولافتًا إلى أنَّها “كشفت عن كمون مخيف للقبيلة تحت سطوة النظام الحديدي، حيث سرعان ما كشرت عن أنيابها وفرضت قانونها على الشارع، ما يعني أن إلغاء اسم القبيلة أو تجاهله لإخفاء حضور القبيلة في المجتمع هو محض هراء”. خطورة التعصب القبلي تحت سيطرة القانون: وأعرب المدوّنون، الذين رصدت “المواطن” ردود فعلهم، بشأن الاقتراح في مجلس الشورى، والتعديل الذي طرحه الحربي عليه، الأربعاء 28 شباط/ فبراير الجاري، عن تأييدهم للكاتب، متّفقين على أنَّ “القبيلة في حد ذاتها ليست معوقًا للتنمية، بل امتداد للمحافظة على التقاليد الاجتماعية الأصيلة وعرفها إذا ما وظِّفت بطريقة تخدم البلد الأم، يمكن الحد من خطورة التعصب فيها بالأنظمة الصارمة”. باب للفتنة: وأشار المواطنون إلى أنَّ “قبائل ضاربة في التاريخ ومناطقها معروفة، وقد أقرهم الملك المؤسس عبدالعزيز- رحمه الله- على مواطنهم، وجعل لكل قبيلة أميرًا منها”، محذّرين من “المساس بهوية القبائل، فهو باب للفتنة”. وبيّنوا أنَّ “اسم القبيلة تأصل في نفوس الناس، وأصبح له قيمه مرتفعة، فكل التعامل صار تعاملًا قبليًّا، مبنيًّا على المعرفة المسبقة بتاريخ القبائل ومآثرها”، لافتين إلى أنَّ “مقترح عضو مجلس الشورى هذا، ستكون له تداعيات ورد فعل عكسي، وسيزيد من هيجان نار العصبية القبلية”. وأضافوا: “الحربي كلامه صحيح، إلغاء اسم القبيلة هراء، والمجتمع السعودي ليس بحاجة إلى مثل هذه المقترحات التي تشغل 31 مليون مواطن لتغيير أسمائهم وأسماء قبائلهم”. التاريخ يكشف زيف الفكرة: مستشهدين بالتاريخ، أبرز المواطنون أنَّه “عندما استعمرت فرنساسوريا قامت بنسبة الناس إلى المهنة، وألغت اسم القبيلة والعائلة؛ وذلك لسياسة خبيثة هدفها نزع الهوية والمرجعية القبلية، التي هي المكون الأساسي للعرب المسلمين؛ لأنَّ القبيلة موجودة قبل الأنظمة المدنية والسجلات والبطاقات”. واتفّق المدونون على أنَّه “حتى لو أُلغيت، فلن ينسى أحد جذوره وتاريخ قبيلته “، معتبرين أنَّ “فكرة الرمز بالأرقام عوضًا عن الاسم والقبيلة في حالة التقدم للوظائف جيدة، تفاديًا للوساطات والمحسوبية”، لافتين إلى أنَّ “ديننا نبذ التعصب لأي فئة، على الرغم من أنَّ رسولنا ينتمي لأكبر وأقوى قبيلة- صلى الله عليه وسلم- ولم يُلْغَ اسمها، بل علّم أصحابه أنهم إخوة في الدين”. ورأوا أنَّ “إلغاء أسماء القبائل لن يقبل به إلا من يريد إلغاء هوية أبناء البلد الأصلين، فكل الناس أصلهم يرجع إلى قبائل في أنحاء الأرض كافة، منهم من ضيع نسبه، ومن احتفظ به، فنجد قبائل في أوروبا مثل القبائل الجرمانية، وقبائل الفايكنغ وفي شمال إفريقيا قبائل البربر المختلفة، وقبائل الهوسا، وغيرهم. كما ينطبق الحال على القارّتين الأميركيتين، بمسميات قبائل الهنود الحمر الكثيرة، فضلًا عن القبائل في آسيا الوسطى والشرق الأدنى”. تعصّب أم انتماء؟ وشدّد المواطنون على أنَّ “التعصب منبوذ، أما الانتماء فمحمود. وليس لأحد الحق في سلخنا عن أصولنا فقد قال تعالى: {وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا}، فالله جعلنا شعوبًا وقبائل وبالتالي هي فطرة خلقنا عليها، لا يمكن لأحد أن يلغيها”. واستغربوا أنَّه “في الغرب يقدمون الاسم الأخير (العائلة أو القبيلة) على اسم الشخص نفسه، بينما يطالب أعضاء الشورى بحذفه!”، لافتين إلى أنَّ “هناك تعصبًا أصبح أكثر خطورة من التعصب القبلي في الآونة الأخيرة، وهو التعصب المذهبي الخطير، الذي نتجت عنه الحروب والقتال فيما بين الناس”.