لمعرفة الإنسان والتعامل معه بطريقة صحيحة يجب معرفة طبيعته، وكذلك لمعرفة الطالب معرفة دقيقة يجب معرفة ما يلي: أولًا: النظم التمثلية: إن النظم التمثلية لدى الإنسان: النظام البصري النظام السمعي النظام الحسي لها دور فاعل في فهمه، بالرغم من أن حواسنا الخمس عاملة ونشيطة باستمرار، إلا أن لكل واحدٍ منّا نظامًا تمثيليًّا يغلب على بقية النظم يطلق عليه النظام التمثيلي الأولي، فهناك شخص ذو نظام بصري فهذا الشخص يتحدث بسرعة وبصوت عالٍ، يأخذ أنفاسًا قصيرة وسريعة، دائم الحركة يتميّز بالنشاط والحيوية ويعطي اهتمامًا كبيرًا للصور والمناظر. وهناك شخص ذو نظام حسي: وهذا الشخص يتميّز عادة بالهدوء ويتحدث بصوت منخفض، ويتنفس ببطء وعمق ويعطي اهتمامًا أكبر للشعور والأحاسيس عن الأصوات والصور، يأخذ قراراته بناءً على أحاسيسه، وقد يكون من الممكن أن يؤثر الآخرون على أحاسيسه وبالتالي على قراراته. فنجده يحب أن يسمع وسيستخدم كلمات مثل: حس، المس، شعور، “قلبي دليلي”… إلخ. وهناك شخص ذو نظام سمعي: هذا الشخص عادة ما يستخدم طبقات صوت متنوعة في التحدث، يتنفس بطريقة مريحة، متزن ويتميّز بقدرته الشديدة على الإنصات للآخرين بدون مقاطعتهم، يعطي اهتمامًا أكثر للأصوات عن المناظر والأحاسيس خلال تجاربه وما يمر به من أحداث، يأخذ قراراته على أساس ما يسمعه وعلى تحليله للموقف، فنجده يحب أن يسمع ويستخدم كلمات مثل: أنصت، اسمع، تكلم نغمة، جوال، موسيقى… إلخ. ثانيًا: برنامج الإجمال والتفصيل: فهناك فئتان من الناس، فئة تفضّل الإجمال أثناء الاتصال، التفكير أو التعلّم، وفئة أخرى تفضّل التفصيل. فالإجماليون غالبًا ما يفضلون أن يروا الصورة الكليّة، الإطار العام ومن ثمّ التفاصيل تنازليًّا، ويطلق عليهم المفكرون الاستدلاليين؛ "أعطني الفكرة العامّة أو المفهوم العام، وأنا سوف أرى ما يتضمنه ذلك منطقيًّا". أما التفصيليون: فغالبًا ما يفضلون أن ترتّب لهم المعلومات بشكل وحدات صغيرة متعاقبة تصاعديًّا، ويطلق عليهم المفكرون الاستحثاثيين؛ "أعطني التفاصيل ودعني أرى ماذا تعني لي". ثالثًا: برنامج المرجعيّة: هناك مرجعيتان أساسيّتان يعود إليها الشخص لاتخاذ قرارٍ ما أو لتقييم موقف ما أو شخصٍ ما، هاتان المرجعيتان هما "المرجعيّة الداخليّة" و"المرجعيّة الخارجيّة"، فالمرجعيّة الداخليّة تعني أننا نقوم بذلك من خلال إطار مرجعي من داخلنا، فالشخص ذو المرجعيّة الداخليّة يقيم حكمه وتقييمه على أساس ما يراه هو فتحفزه ذاتي، ويصنع قراراته بنفسه ويميل ذاتيًّا إلى منح أو حجب شرعيّة ما يقوم به، فهو من يختار ويحدد ويعتقد ويقدّر لنفسه وربما رفض التدخل في قراراته. أما المرجعيّة الخارجيّة تعني أننا نقوم بذلك من خلال إطار مرجعي خارجيٍّ عنّا فالشخص ذو المرجعيّة الخارجية يقيم حكمه وتقييمه على أساس ما يراه الآخرون وينظر إلى إرشاد وتوجيه الآخرين فتحفزه خارجي، ويصنع قراراته من خلال الآخرين فيمنح أو يحجب شرعيّة ما يقوم به بناءً على ما يقدّره الآخرون. رابعًا: برنامج اتجاه الدوافع: كأشخاص نتحرك "نحو" ما يشعرنا بالمتعة، ونتجه "بعيدًا عن" ما يشعرنا بالألم. بعض الناس لديهم قيم جذب تكون هي الموجه والمحرك لدوافعهم نحو المتعة، في حين أنّ آخرين لديهم قوة دفع أو طرد أيضًا توجه وتحرك دوافعهم لكن بعيدًا عن الألم. فأصحاب الاتجاه نحو المتعة يتحركون نحو ما يحقق الرغبة ويوصلهم إلى النتيجة ويشعرهم بالمتعة فيسوقهم الاتجاه "نحو" إلى أهدافهم وقيمهم فيشعروا بالحافزيّة اتجاه الإنجاز والكسب، وتحرّك دوافعه الجزرة فلهم مقدرة على تنظيم أولويات رغباتهم، في حين يعجزون عن تمييز ما يجب أن يتجنبوه. أما أصحاب اتجاه الابتعاد عن الألم فيتحرّك بعيدًا عن ما لا يريد، أو عن ما يشعره بالألم ويعمل بوعي وتركيز على ما يجب أن يتجنّب وما لا يريد ويشعر بالحافزّية تجاه ما يجب أن يبتعد عنه ويجب أن يتجنبه، وبذلك يجدون صعوبة في تحديد أهدافهم وترتيب أولوياتهم ومن السهل للمواقف السلبيّة أن تستحوذ على انتباههم. خامسًا: برنامج الفرز المعرفي: البشر في المعرفة ينقسمون إلى نوعين: حسيون وحدسيون، فالحسيون هم من يفضلون التعامل مع الحقائق المباشرة ويركّزون على لغة وصفية حسية. أن يكون الفرد حسيًّا جدًّا في فرزه المعرفي قد يقوده ذلك إلى تجاهل خواطر الإبداع، الرؤى والأحلام. كما أن الحسيّين يرون أن الحدسيين غير منطقيين ولا واقعيين، وأنهم هم الصح، وهم من يملك الحقيقة، أما الحدسيون فيعطون الثقة ابتداءً لحدسهم في معاني الأمور وجمع المعلومات وربما يتجاهلون الملاحظات الخارجيّة ويلتفتون لها حينما تفاجئهم فهم تجاهلوا المعلومات الحسيّة التي تعارض حدسهم الداخلي. كما أنهم يرون أن الحسيّين أقل نباهة ومملّون. سادسًا- برنامج العلاقة (التشابه والاختلاف): فالأشخاص ذوو نظام التشابه يتجه تركيزهم إلى كيف تتشابه الأمور مقارنة بتجارب سابقة ولهم ميل إلى استبقاء الأمور، كما هي ضمان للأمان فلا يحبون التغيير، وربما شعروا بأنه يهددهم فهم يميلون إلى الثبات والاستقرار في أعمالهم دون أن يشعرهم ذلك بالغرق فالتطور التقني والانفجار المعلوماتي وسرعة إيقاع التغيير يضعهم في ضغط وصعوبة تكيّف، أما الأشخاص ذوو نظام الاختلاف يتجه تركيزهم إلى كيف تختلف الأمور مقارنة بتجارب سابقة فهم، فيقدّرون التغيير والتنوّع والجدة ولا يحبون بقاء الحال بثبات دون تغيير، فذلك ممل بالنسبة لهم فهم يظهرون نمط تفكير متجدد يسعون ويبحثون عن التغيير ولو بدون سبب. من هنا تتضح أهمية نظرية التشكل للمعلم للفهم الدقيق للطالب، ومن خلال ذلك نستطيع التأثير فيه وتغيير سلوكه وقيادته وتوجيهه نحو الأفضل.