سألني أحد الأصدقاء سؤالاً قال فيه : يا دكتور عندي سؤال : قرأت تغريدة عبر تويتر تقول (( مختارات من الزمن الجميل )) وأشارت فيه إلى تسليم منزلٍ لأحد موظفي أرامكو ، مع العلم أن الموظفين كانوا ذلك الوقت يتعبون تعباً كثيرا لا يعلمه إلا الله ويعاملون معامله حازمة وشديدة..! فعدد من الناس تصف الماضي بالزمن الجميل وتكرر ذلك ! فلماذا يُطلق هؤلاء على ذلك الزمن الماضي الزمن الجميل أو الماضي الجميل؟! فأجبته قائلاً : أرجو الله أن أكون عند حسن ظنّكم ، ويوفقني للإجابة الصحيحة والمقنعة معا ، رغم أنه يبدو لي أنني لست الشخص الوحيد المؤهل للإجابة عليه ، وليت الأحبة القراء يساهموا معنا في الجواب والتعليل.. عموماً السؤال يختصر في صيغته عقوداً من الأحداث والمواقف والتعاملات والعلاقات الإنسانية التي مرّت بالناس خلال مراحل حياتهم وجعلت البعض منهم يصفها بالزمن أو الماضي الجميل.. ومعلوم أن الوصف بالجمال يعود لنظرة ورأي لواصف وانطباعه تجاه الموصوف ؛ فهو عندما يصفا أمرا أو شخصا أو حدثا أو مناسبة بالزمن الجميل إنما يوثّق تجربته وانطباعه هو تجاهها بعد فوات وقتها.. وقد درج كثيرٌ من الناس في وصف مواقف وذكريات الماضي بالجمال رغم أنهم في ثنايا تعاملاتهم معها في الماضي ربما لم يكونوا يرونها جميلة بل قد تمر بهم أثناءها ظروف وهموم تبعد كثيراً عن وصفها بالجمال..! ومختصر القول هنا يكمن في أن الإنسان عندما يغادره الماضي وتنقطع علاقاته به ويستحيل أن يشارك فيه أو يتعامل معه مرّة أخرى يصفه بالجميل لأنه ذهب ولم يبقى منه سوى الذكرى ، و ليعزّي نفسه و يحمّسها لتقبل التعامل مع متغيرات الحاضر وظروفه التي تتحكّم فيه ، أو قد يتطلّع لمؤشرات وإرهاصات المستقبل بحسرة فقد الماضي وحضور تداعيات وتفاعلات الواقع الماثل أمامه ، والأمل في غد أسعد يستقيه من حسن ظنه بربه ثم بنفسه ومن حوله.. شاهد شعري: يقول الشاعر في سياق جميل لوصف تفاعل ونظرة الإنسان مع ظروف وذكريات زمانه ولحظاته : لمت الزمان ولايم الوقت غلطان. حوادث الأيام من فعل أهَلها.. كلٍ يغنّي مع زمانه على شان. هذا يميلها وهذا عدلها..