اليقين بحسن الخاتمة من أعلى درجات الإيمان، وحين تتحقق تُعتبر دلالة على علاقة العبد الصادقة مع الله، هذا ما تكشفه لنا كلمات ذوي الشهيد الجندي عبدالله مشهور، الذي كان على يقين تام أنه سيلقى ربه مدافعًا عن دينه ووطنه، وكان يرفض الزواج أثناء الخدمة، مؤكدًا "أنه سيتزوج في الجنة". فقد شيّعت جموع غفيرة بقرية الجيانية التابعة لمحافظة الطوال، عصر اليوم جثمان الشهيد الجندي عبدالله بن عبده علي مشهور حمدي. و تقدم المصلين في صلاة الميت على الشهيد المقدم عبدالله علي الشهري من قيادة قوة جازان، والملازم عبدالعزيز حمد البارقي من الشؤون الدينية للقوات البرية، وقائد الدوريات الأمنية بشرطة محافظة صامطة الرائد عبده عثمان عواجي، ورئيس الرقباء فهد حسن حكمي رئيس لجنة العناية بأسر الشهداء بقوة جازان، والعريف خالد سلامي من العلاقات العامة بقوة جازان، وشيخ قرية الجيانية الشيخ يوسف علي مشهور، وجمع من أعيان القبائل والمواطنين الذين توافدوا من شتى أرجاء المنطقة، للمشاركة في التشييع. وكان الفقيد قد استُشهد أثناء تأديته واجبه، وذلك إثر تبادل إطلاق النار بين جنودنا البواسل وبين ميليشيات الحوثي المتمردة على الحد الجنوبي بنجران. ونقل المقدم عبدالله الشهري تعازي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البرية وقائد المنطقة الجنوبية وقائد قوة منطقة جازان وجميع منسوبي القوات المسلحة، إلى ذوي الشهيد الحمدي. من جانبه أعرب والد الشهيد العم عبده علي مشهور حمدي، عن اعتزازه باستشهاد ابنه في ميادين العزة والشرف وقال: بقدر ما أحزننا خبر استشهاده، لكن عزاؤنا الوحيد أنه استشهد في ميدان الشرف مدافعًا عن دينه ووطنه؛ فوطننا يستحق أن يبذل في سبيله الغالي والنفيس، ونحن لا نملك أغلى من أرواح أبنائنا الشهداء لنقدمها له. وأضاف أن الوطن يستحق أن تبذل الأرواح الغالية فداءً لترابه، والشهيد يأتي ترتبيه الخامس من الذكور، واثنان من إخوانه مرابطان في الحد الجنوبي. من جهته عبر أخو الشهيد محمد، وهو عسكري مرابط على الحدود، عن فخره باستشهاد أخيه وقال: الحمد لله والشكر على قضائه وقدره، والحمد لله أنه استشهد وهو يحمي تراب الوطن، وأفتخر أنا وعائلتي وكافة أسرتي بأنه استشهد وهو يدافع عن الدين والمليك والوطن، ونسأل الله له المغفرة. بجوره أكد ابن عم الشهيد موسى حمدي، وهو أحد المرابطين، أنه قبل سنة ونصف استشهد ابن عمه، وكان يتمنى أن يلحق به. كما أكد علي، أخو الشهيد، أن أخاه يمتاز بحبه وعشقه وإخلاصه للوطن وقيادته الرشيدة، وسبق أن عرضت عليه والدته الزواج رغبة منها أن تفرح به، فرد عليها: "أنا بأتزوج بالجنة، وإذا استشهدت لا تبكين بل ادعيلي". وأوضح المقدم عبدالله علي الشهري أن الشهيد له مكانة خاصة بين زملائه، وتربطهم به علاقة أخوية، وعزاؤهم في ذلك أنه استجاب لنداء وطنه الذي لم يتردد يومًا عن تلبيته، والشهيد يعتبر من أفضل الأفراد تعاونًا وشجاعةً، ومحبًّا لغيره، وكان يوصى زملاءه قبل وفاته بالصبر فإما النصر أو الشهادة. وأكد شيخ القرية يوسف علي مشهور أن أفراد وأقارب الشهيد، على استعداد لسلوك هذا الطريق ردًّا لجميل هذا الوطن الغالي، سائلين الله جل وعلا أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.