في كل يوم من أيام الشهر الفضيل، تقدّم لكم صحيفة “المواطن“، جملة من النصائح والفوائد، التي تجعل من الصوم عبادة وليس مجرّد عادة، فالصيام، ليس مجرد عملية إراديّة تعبّدية يقوم الفرد بأدائها بناء على رغباته وقناعاته الشخصية والإيديولوجية، بل هي ظاهرة طبيعية وفطرية تدخل في إطار الحاجات الأساسية التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية بكفاءة عالية وجودة كبيرة. الصيام عبادة: ليس غريبًا أن تتطابق هذه المعلومات مع ما جاء في القرآن الكريم في شأن فريضة الصيام، إذ يقول الحق تعالى في كتابه الكريم {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة 184). وورد في حديثٍ رواه النسائي عن أبي إمامة أنّه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم (مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ قَالَ: “عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ”). وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني: (صُومُوا تَصِحُّوا). وهو ما يدلّنا على أنَّه فضلاً عن مقاصده الروحيّة، ومظاهره التعبدية في الإسلام، يمد الصيام الإنسان بفوائد صحية لا حصر لها، إذ يقوم بمساعدة الجسم على طرح السموم والتخلص من الخلايا التالفة من خلال تنشيط عمليتي الهدم والبناء، الأمر الذي يزيد من صحة الجسم وقوته بدل ضعفه وهزاله كما هو شائع لدى بعض الناس. كما يساعد الصيام في خفض نسبة تخزين الدهون في الجسم، والتقليل من نسبة السكريات في الدم، إضافة إلى تقوية الجهاز المناعي، وتعزيز العادات الغذائية الصحية، فسبحان الله الذي سنَّ لنا شهر رمضان وفرض فيه الصيام والقيام، وطوبى لمن عرف قدره وجنى ثماره الروحية والصحية. الصيام علميًا: وفي هذا الصدد، يؤكّد الأطباء والباحثون أنَّ جسم الإنسان معرّض للسموم الموجودة في الماء والهواء وبعض الأطعمة غير الصحية، ومع توالي الأعوام، تتراكم تلك السموم ويكبر حجمها، ويعجز الجسم عن التخلص منها، فتتحول إلى عبئ يثقل جسد الإنسان وتفكيره، ويشعره بالضعف والوهن والاضطراب. والصيام في هذه الحالة هو الحلُّ الأمثل، لأنَّ الامتناع المنتظم عن الأكل والشرب يساهم في التخلص من تلك السموم عوضًا عن تراكمها، ويساعد على تنظيف الجسم من الشوائب والفضلات. كما يعمل الصيام على إراحة وتحسين أدوار الجهاز الهضمي، إذ يحصل هذا الأخير على فترات مهمة من الراحة مع استمرار وظائفه الفيسيولوجية الطبيعية بدرجات أقل، وبذلك يرتفع إنتاج الطاقة بمعدلات تدريجيّة، ويتمكن الجسم من المحافظة على توازن السوائل في الجسم وثبات معدلات هضم الأطعمة، لاسيّما المأكولات الصحيّة. التغذية: أكّد مختصو التغذية أنَّ الصيام يساهم من جهة، في خفض كمية السعرات الحرارية المتناولة يوميا، ويساعد من جهة أخرى على تخلص الجسم من الشحوم الزائدة والدهون والنفايات السامة والأنسجة التالفة، الأمر الذي يقوي عملية الهضم الآلي للمواد المسببة للبدانة، وبالتالي إنقاص الوزن الزائد، وتمكين الصائم من جسم صحي وسليم، شريطة الالتزام بشروط شهر رمضان الصحية كالاعتدال في الأكل وزيادة الحركة والابتعاد عن كثرة النوم والكسل. ومن الفوائد الصحيّة للصيام كذلك، مساعدته على رفع إنتاج الجلوكوز، عبر عملية تكسير الجليكوجين، وإنتاج الطاقة وتقليص إنتاج الأنسولين، وبالتالي إراحة أعضاء الجسم كالمعدة والأمعاء والكبد والمرارة والبنكرياس، الأمر الذي يمنح هذه الأخيرة فرصة التفرغ لعملية تنقية الجهاز الدموي من المواد الضارة الناتجة عن العمل المتواصل لملايين الخلايا في جسم الإنسان. تعزيز العادات: وتشير الأبحاث العلمية إلى الدور الكبير الذي يلعبه الصيام في تعزيز العادات الغذائية الصحية، من خلال مساعدته بشكل عجيب في تقليل الشهية تجاه تناول الأطعمة الجاهزة والمعلبة، وتحفيز الرغبة في تناول الأطعمة الصحيّة الطبيعيّة كالماء والخضراوات والفواكه. وعلى الرغم من وجود عدد من الأنظمة العلاجية التي تساعد في علاج حالات الإدمان عبر العالم، فقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة، الدور الفعّال الذي يلعبه الصيام لفترات طويلة ومنتظمة في مواجهة ظاهرة الإدمان على النيكوتين والكافيين وغيرها، فمع الوقت، يتعلّم الصائم مقاومة رغباته الجامحة في تلك المواد، ويتعوّد جسمه على كبح جماحها.