في جلسة يوم الأربعاء، 21 ديسمبر، طالب بعض أعضاء مجلس الشورى الموقر، بتأييد مطالبة معالي وزير العمل الجامعات السعوديَّة بالحدِّ من قبولها لأعداد كبيرة من خريجي الثانويَّة العامَّة كلَّ عامٍ. وأمَّا البديل -في نظر الوزير- فهو الالتحاق بالكليَّات التقنيَّة التي تشرف عليها المؤسَّسة العامَّة للتدريب التقني والمهني، والتي كان الوزير نفسه محافظًا لها لفترة طويلة، ولم يتركها حتَّى عهد قريب. أولاً لا أحسبُ أنَّ الجامعات السعوديَّة إلاَّ حفيَّة بهذه المطالبة، فهي متخمةٌ جدًّا بأعداد طلابها وطالباتها، حتَّى أنَّ بعضًا منها يعاني من أزمات مروريَّة يوميَّة، من كثرة السيَّارات التي تدخل حرمها، وتخرج منه، والتي لا بديل لها على مستوى النقل العام. ولولا استشعار الجامعات لمسؤوليَّاتها، وإدراكها أنَّ البدائل تكاد تكون منعدمةً، لما توسَّعت في القبول، ففيه إنهاك للموارد، وإهلاك للمرافق، وضغط عليها من كلِّ جانب. لكن يظل السؤال: ما رأي صاحب القرار؟. الأمر الآخر هو مدى جدوى الالتحاق ببرامج المؤسَّسة العامَّة للتدريب التقني والمهني؟ وفي هذا الصدد وصلتني مادة دعائيَّة مرئيَّة عن هذه البرامج، ومدى جودتها -من وجهة نظر المؤسسة-. وتضمَّن التعليق على هذه المادة نصًّا يقول: (إنَّ نسبة الباحثين عن عمل من خريجي برامج التدريب التقني والمهني تبلغ 4,7% «أي أقل من 5%»؛ اعتمادًا على بيانات برنامج حافز وآليَّات متابعة الخريجين). وفي المقابل يُشكِّك آخرون في هذه النسبة المبالغ فيها، بالنظر إلى أنّ (لا أحدَ) تقريبًا ممَّن أعرف قد رأى مواطنًا يؤدِّي أيَّ نوعٍ من أنواع الصيانة المعتادة (في منزلٍ، أو مبنى عام) مثل: السباكة، وأعمال الكهرباء، والتكييف! ولا حتَّى أثناء مراحل تشييد الفلل، والمباني السكنيَّة، وغيرها، وحتَّى ورش السيَّارات (وهي بالمئات) تكاد تخلو من سعوديٍّ واحدٍ، باستثناء ورش الوكالات الكبيرة. باختصار هذا حديث عاطفي، لا يتوافق مع الواقع. والمأمول إن كان صحيحًا أن تساهم المؤسَّسة في تأهيل كلِّ خريج جامعي لا يجد عملاً لشهور طويلة، وأحيانًا لسنوات عديدة. سؤال أخير لأعضاء مجلس الشورى: هل منكم مِن أحدٍ مستعدٌ لمصاهرة شابٍّ مهنته السباكة، أو أعمال الكهرباء؟ مَن منكم يقدِّم نموذجًا اجتماعيًّا راقيًا، يكسر حدَّة هذا الفصام المؤلم؟! [email protected]