إذا لم تستطع وزارة التعليم أن تقدم مثل هذا النوع من التعليم، فعليها أن لا تمنح ترخيصًا لمدارس خاصة، لا تتوافر فيها ما توفر لهذا النموذج من المدارس. كنا ونحن نتجول في «مدارس عبدالرحمن فقيه النموذجية» في مكةالمكرمة نردد هذه المقولة. وبرفقة مدير هذه المدارس الذي بدا سعيدًا بما تحققه مدارسه من تفوق، دخلنا فصول الدراسة والمكتبة العامرة بألوان المعرفة وقاعات البحث ومعمل تعليم اللغات والملاعب الرياضية وحوض السباحة، وفي قاعات ورش العمل هالنا ما وفرته هذه المدارس لأبنائها في مجالات النجارة والسباكة والكهرباء وسائر الحرف، بهدف تعميق حب المهن لدى الأجيال منذ الصغر، التي قد يدفع التدريب عليها الكثير من أبناء الجيل لارتياد آفاق، تعودنا أن نتعالى عليها. وزادنا إعجابًا بنموذجية هذه المدارس، الروح التي كانت تملأ حياة الطلاب وهم يرتدون ثياب المهنة.. لقد أعطتنا تلك الروح أملًا بقدوم أجيال جديدة فاعلة ومستقبل أفضل، وهكذا يصنع التميز. وكان السؤال المطروح.. كيف تكون حال بلادنا لو كان التعليم العام فيها على هذا النمط؟ شاهدنا في هذه الجولة نموذجًا من التعليم هو الذي صنع في وقت قصير اليابان وكوريا وماليزيا وسنغافورة. لا يكتفي بمادة الفصل وحشو الأذهان، لكنه التعليم الذي يعمل على بناء الإنسان وتفتيق الذهن، بمثل هذا التعليم تتفجر الطاقات وتجد متنفسًا. لقد وقفنا في هذه الجولة على محاولات إبداعية.. السيارة التي تعمل بالكهرباء بلا ماطور، وتجربة إطلاق طائرة بدون طيار. لم يكن الهدف من إنشاء هذه المدارس التجارة.. لكنها رسالة.. جزء من دور وطني مشهود لمؤسسها، في مجالات لا تحصى، حشد لها الكثير من المال لتقديم نموذج، طريقًا يجب أن يحتذى.. لقد آمن مؤسس هذه المدارس بنظرية الدول المتقدمة، التي تقول إن التعليم التزام بنتيجة، أي التزام على المدرسة بأن يكون منتجها صالحًا، قادرًا على إنجاب أجيال مبدعة ومفيدة. ودّعنا المدرسة ونحن نردد عبارة، قالها الأمير خالد الفيصل، في مناسبة.. إنها مدرسة متميزة، أنشأها رجل متميز في مدينة متميزة!!