هجرة السعوديين، وبلوغ عددهم مليون مهاجر، بما نسبته 5% من المواطنين، ورغبة مجلس الشورى مناقشة هذا الموضوع، كلُّه مُهم، لكن الذي فتح باب النقاش مؤخراً، هو هروب فتاتين سعوديتين جامعيتين إلى كوريا الجنوبية. اختيار كوريا الجنوبية، أمر غامض، فليس فيها سحر هوليود، ولا ضباب لندن، ولا عطور باريس، بل هي دولة عملية وصناعية حتى النخاع، ومع ذلك، يتم الهروب إليها، رغم أننا لانستسيغ طعامها ولا نتأقلم مع عاداتها الاجتماعية، وحاجز اللغة الكورية جبال صماء بيننا وبينهم، فالهجرة إليهم تعني أن هناك أزمة نفسية حادة لدى الفتاتين. الموضوع طرحه للمناقشة في مجلس الشورى أستاذ علم السياسة الدكتور صدقة فاضل، وربما تكون الهجرة السعودية اجتماعية، أكثر من كونها اقتصادية، فالوضع الاقتصادي السعودي ما زال قوياً رغم انخفاض أسعار النفط، فالاحتياطي السعودي عالٍ، والدين العام هو الأقل، ومتوسط الدخل العام السعودي يضعنا في المنتصف، وترحيب الدول التي نهاجر إليها بنا، سببه معرفتهم أن السعوديين لن يكونوا عالة على اقتصادهم، بقدر ما يكون وجودهم منشِّطاً ومحفزاً له، والدليل وجود قائمة من أبرز العلماء والعالمات السعوديات المستقرين في جامعات خارجية بسبب نبوغهم العلمي. الهجرة نزيف فكري، وخسارة وطنية، فالبشر مثل الماء المتدفق، يخرج من الصخور والجبال إلى السهول والأودية، فالدول الأخرى لن تقبل بهجرة الكسالى والمقصرين، بل سوف تستقطب العباقرة، وأصحاب المهارات الفذة، فالفكر ثروة، والإنسان أغلى الثروات بفكره. تزايد الهجرة.. الموضوع بدون شك جدير بالدراسة، وربما يتبعه استقصاء إحصائي للوقوف على أسباب الهجرة، لجمع أكبر قدر من المعلومات والظروف، التي تسببت في هجرة العقول السعودية إلى هناك. * القيادة_نتائج_لا_تصريحات يقول الكاتب والباحث الأمريكي جورج فان فالكنبيرج: القيادة هي أن تقوم بالفعل الصحيح، في التوقيت الصحيح، حتى وإن لم يَرَكَ أحد.