يبدو أن إسرائيل تتوجس خيفة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونتائجها المتوقعة المتمثلة في فوز السيدة هيلاري كلينتون بالرئاسة، فالانتخابات هذا العام هي المرة الأولى التي لا يتنافس فيها المرشحون على الانحناء أمام اللوبي الصهيوني واستجداء رضا الناخبين اليهود عن طريق كيل الوعود بالتأييد والدعم لإسرائيل ومستوطناتها واغتصابها للقدس عاصمة لها والبكاء على ما يعانيه أبناؤها من سطوة التهديدات الفلسطينية!! بل إن مرشحاً أساسياً في الحزب الديمقراطي وهو السناتور برني ساندرز قد وقف صراحة ليطالب بمنح الفلسطينيين حقوقهم ولينتقد سياسات إسرائيل العدوانية التوسعية، كما أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب قد صرح بأنه سوف يسعى إلى التعامل مع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بيد متوازنة وأنه سوف يحافظ للولايات المتحدة على دور الوسيط النزيه المقبول من كل الأطراف، ولذلك لم تجد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون حاجة لأن تلتزم بأكثر من الحفاظ على أمن إسرائيل والدفاع عنها وكأن إسرائيل (يا عيني) مهددة بالسقوط والانهيار بين لحظة وأخرى. نتائج الاستطلاعات المبكرة تشير إلى أن السيدة كلينتون سوف تفوز بكل الولايات التي يمارس فيها اليهود نفوذاً ملموساً مثل نيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا، ولذلك فإنها سوف تكون حرة نسبياً من الضغط الصهيوني الأمر الذي سوف يساعدها على ممارسة دور أكثر جدية في القضية، وبالمقابل فإن في إسرائيل اليوم أصواتاً تطالب الحكومة بسرعة العمل على إنقاذ الدولة اليهودية التي يكاد يغمرها الطوفان الديمغرافي العربي ويقول هؤلاء إن عدم السعي إلى حل سوف يؤدي إلى تدمير فرص حل الدولتين، وإن البديل لذلك سوف يكون حل الدولة الواحدة التي يمكن أن يشكِّل فيها العرب أغلبية سكانية في خلال عشرين سنة أو أقل. عامل آخر يمكن أن يزيد في تعقيد الموضوع وهو أن التطور الديمغرافي بين اليهود أنفسهم يسير نحو تزايد مضطرد في أعداد اليهود الشرقيين الذين ينتمي أكثرهم إلى الأحزاب الدينية المتطرفة بمعنى أن التيار المطالب بالحل السريع وإنقاذ الدولة اليهودية الديمقراطية يتهاوى أمام تنامي غلبة التيار الديني المتطرف في إسرائيل، واذا أضفنا إلى ذلك الخليط المتفجر أن التيار الديني المتطرف بين الفلسطينيين يزداد شعبية وانتشاراً فإننا نصل إلى نتيجة مفادها أن المجتمع الدولي إن لم يتدارك أمره ويحسم الخلاف الفلسطيني الإسرائيلي في خلال نافذة زمنية قصيرة، فإن الغلبة سوف تكون للمتطرفين في كلا الجانبين بما يترتب على ذلك من نتائج وخيمة على المنطقة بأسرها!! [email protected]