من مؤشرات الرخاء والرفاهية لأي مجتمع ارتفاع معدلات أعمار سكانه. لكن في المقابل إن لم يقابل هذا (التشيخ السكاني) نمو عدد المواليد بما يحقق التوازن المطلوب بين نسب الشباب إلى الشيوخ، فقد يؤدي إلى شيء من المعاناة الاقتصادية التي ربما تفاقمت مع مرور الوقت، خاصة في المجتمعات المعتمدة اقتصادياً على إنتاج وبيع سلعة معينة كما هو حال المجتمعات (النفطية) أو الريعية عموماً. وذكرت هذه الصحيفة (15 يوليو) أن وكالة (إس أند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية) تعتبر أن (التشيخ) السكاني المتنامي في المملكة قد يشكل ضغطاً على التمويلات العامة، وعلى تزايد الدين الحكومي خلال العقود الثلاثة المقبلة في حال عدم القيام بإجراءات حكومية لاحتواء التكاليف المتصلة بتقدم العمر. ويقول الخبر إن توقعات الأممالمتحدة تشير إلى ارتفاع عدد سكان المملكة من 32 مليون نسمة عام 2015 إلى 46 مليون نسمة عام 2050، وسترتفع نسبة المسنين من 3% حالياً إلى 15% من إجمالي عدد السكان عام 2050 مما يعني ضغوطاً هائلة على المعاشات التقاعدية وتكاليف الرعاية الصحية، ويعني ذلك اقتصادياً ارتفاع تكاليف هذين البندين إلى 14% من إجمالي الناتج المحلي عام 2050 بدلاً من 6% حالياً كما يعني ارتفاع نسبة صافي الدين الحكومي إلى 340% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050م. وإذا ما نظرنا إلى الصورة الأكبر والأشمل، فإن ثمة عوامل أخرى تضاعف من المخاطر الاقتصادية المستقبلية يأتي في مقدمتها عامل البطالة المرتفع إذ من المتوقع أن يدخل سوق العمل في المعدل 200 ألف شخص سنوياً أي ما لا يقل عن 6 أو 7 ملايين شخص حتى عام 2050م، فكيف سيتم توفير الوظائف الكافية فضلاً عن المناسبة أجوراً أو تخصصاً، ونحن اليوم غارقون في عمق هذه المشكلة العويصة؟ العامل الآخر هو سوء العادات الاجتماعية والممارسات الفردية من حيث الاهتمام بالصحة وممارسة الرياضة والتقليل من تناول السكريات والدهون وتعاطي التدخين والمخدرات وغيرها، من السلوكيات التي تضغط على برامج الرعاية الصحية أياً كانت. فقه المستقبل جزءٌ أصيل من فقه الواقع. [email protected]