موسكو - أ ف ب - سيتراجع عدد سكان روسيا حوالى 24 مليون نسمة بحلول العام 2050، وهو انخفاض كارثي يترافق مع تقدّم المجتمع بالسن ما سيؤثر سلباً على الصحة الاقتصادية للبلاد، بحسب ما أظهره تقرير نشر أخيراً. واعتبر هذا التحليل من وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرز اند بورز» (اس أند بي) المكرّس لدراسة العواقب الاقتصادية للأزمة الديموغرافية التي تضرب روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، «بحسب توقعاتنا سيتراجع عدد السكان إلى 116 مليون نسمة في العام 2050 في مقابل 140 مليوناً في العام 2010». ولا تبدو هذه التوقعات متشائمة كثيراً، خصوصاً أن وكالة الاحصاءات الروسية تتوقع في فرضيتها الأكثر واقعية أن يصبح عدد سكان روسيا 127 مليوناً في 2031. وكانت روسيا تعد 148 مليون نسمة قبل 20 عاماً، وقد تراجع عدد سكانها 241 ألف نسمة في 2010. وقيّمت «اس أند بي» الإنعكاسات الاقتصادية لهذا التراجع فإتضح لها أن اليد العاملة الناشطة ستتراجع نسبتها من 72,1 في المئة من المجموع العام للسكان إلى 60,4 في المئة في 2050، وان المسنين سيشكلون ربع السكان الروس تقريباً (13 في المئة في 2010). في ضوء ذلك، شدّد التقرير على أنه من دون إصلاح عاجل لنظام معاشات التقاعد والتغطية الاجتماعية، فإن الكلفة التي يمثلها المسنون فوق سن ال65 على الدولة سترتفع في شكل كبير ما يؤدي إلى مديونية كبيرة للبلاد وعبئاً على النمو. واعتبرت «اس أند بي» أن من دون اصلاحات جذرية، فإن نفقات الموازنة على الصحة والتقاعد ستشكل 25,5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2050 في مقابل 13 في المئة راهناً. وسيؤدي هذا الإرتفاع الكبير أيضاً إلى زيادة كبيرة في المديونية مع إنتقال ديون الدولة في أسوأ السيناريوات، من 11,1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2015 إلى نحو 585 في المئة في 2050. وفي موازاة ذلك سيتباطأ النمو تدريجاً ليتقلّص من 4 في المئة عام 2010 إلى 1,5 في المئة بعد 40 عاماً. وحتى لو جمدت السلطات النفقات وصححت العجز في الموازنة بحلول العام 2016، سيشكّل الدين العام 124 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2050 وفق «اس أند بي». وتقع روسيا في دائرة مفرغة على الصعيد الديموغرافي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، عندما أدى تدهور ظروف العيش الى إرتفاع في الوفيات ترافق مع أزمة ولادات. وتفيد وكالة الإحصاءات الروسية أن تراجع أعداد الأشخاص في سن الانجاب سيتسارع في العقدين المقبلين، متوقعة تراجع عدد السكان 274 ألفاً هذه السنة على أن يصل التراجع إلى 1,03 مليون في 2021. وتعجز الحكومة الروسية عن لجم هذا التراجع، وعلى رغم الإجراءات المتخذة لحض السكان على إنجاب أطفال فإن الولادات ترتفع ببطء شديد (+1,6 في المئة في 2010) في حين أن الوفيات لا تزال ترتفع (+0,7 في المئة). وكان بافيل استاخوف، الممثل الخاص للرئاسة الروسية لحقوق الطفل، حذّر في أيار (مايو) الماضي «منذ عشر سنوات توقفنا عن إنجاب الاطفال، وحتى لو إعتمدنا سياسة ديموغرافية إيجابية فإن الأعداد ستتراجع خمسة ملايين نسمة بحلول العام 2025». وشدد على أن 6 آلاف طفل يموتون سنوياً في روسيا في عمليات قتل أو حوادث.