نظريَّة الأفارقة حول الانقلابات العسكريَّة، القائلة: «مَن يصحى الفجر أولاً يحكم البلاد»! هل تنجح في مثل هذا العصر، الذي تطوَّر فيه العمل الاستخباراتي بشكل يتجاوز فيه كل أشكال غموض المؤامرات والدسائس، ويجعلها مكشوفة أمام المُستهدف؟!. للأفارقة تاريخ حافل بالانقلابات العسكريَّة الناجحة، بعضها كان دمويًّا ومأساويًّا، جميعها تبدأ عملها مع خيوط الفجر، وتتفوق نيجيريا على كل أولئك في عدد الانقلابات، حيث شهدت ما بين 66-93 ثمانية انقلابات عسكريَّة، تليها موريتانيا التي شهدت 6 انقلابات خلال 30 سنة، ثمَّ أوغندا التي شهدت هي الأخرى 6 انقلابات منذ 1966، فجزر القمر التي شهدت 5 انقلابات منذ 1965، وغانا 5 انقلابات بين 66-81، فالسودان الذي شهد 4 انقلابات عسكريَّة منذ استقلاله 1956، ودول أخرى كالنيجر وغيرها، ولم تهدأ هذه الانقلابات إلاَّ بعد أن حرص كلُّ رئيس على أن يظل مستيقظًا حتى تناول إفطاره مع رئيس حرسه. ومع أن هناك سجِّلاً انقلابيًّا لبعض الدول العربيَّة الآسيويَّة كالعراق وسوريا، إلاَّ أنَّ ذلك لم ينجح في تركيا، لأنَّ المسألة تختلف، فعساكر الفجر من الأتراك لم يتنبَّهوا إلى أنَّ الأمَّة التركيَّة مستيقظة لا تنام، ولذلك فشل أولئك في انقلابهم، وانهزموا شرَّ هزيمة، حيث قوبلت المحاولة الانقلابيَّة باحتجاجات شعبيَّة عارمة في معظم المدن التركيَّة، وتوجَّهت إلى رئاسة الأركان، ومديريَّات الأمن، وأجبرت الآلات العسكريَّة على الانسحاب، وخاب أمل الكثير، بما في ذلك المطرب الشعبي المصري «شعبولا»، الذي كان قد طرح أغنية في صبيحة يوم الانقلاب، يقول فيها: «إشرب.. إشرب يا أردوغان.. أهو شعبك قام عليك». ومع أنَّ أصابع الاتِّهام أشارت إلى بعض الأشخاص المعارضين، وعلى رأسهم فتح الله غولن. الا أنه وفي كلِّ الأحوال، فإنَّ المنتصر هو مَن افترش شعبه الطرقات لتصدَّ عنه الدبابات، والمجنزرات، وراهنت على بقائه. [email protected]