في حزمة القرارات الملكية الأخيرة فوجئ الكثير أولًا بقرار إعفاء الدكتور/ توفيق الربيعة من منصبه، ثم سعدنا ثانيًا بتولِّيه حقيبة الصحة، التي هي في نظر الكثيرين من أصعب الحقائب وأثقلها. ولكم أثبت التاريخ القريب والبعيد هذه النظرة غير المتفائلة لهذا المنصب المحاط بالأشواك من كل جانب. لهذا يستلزم الدعاء المُكثَّف لمعاليه، وبقية زملائه الوزراء، بالتوفيق والسداد. السؤال المُضني الذي يُثار كُلَّما حلّ وزير جديد للصحة: كيف سيختلف أسلوب عمل الوزير الجديد عن الذين سبقوه؟ هل سيأتي بما لم يأتِ به الأوائل؟ ما هي نقاط القوة التي يمتلكها؟ وهل العِبرة بالميزانية التي ستُوفِّرها الدولة للخدمات الصحية؟ أم العِبرة بالضبط والربط وقوة تطبيق النظام؟ كيف يمكن تطويع النظام لصالح تطوير الخدمات تطويرًا جذريًا حتى ينعكس فعلًا على مؤشرات الأداء، وعلى مدى رضا المستفيدين من خدمات الوزارة؟ وهل يبيت كثير من محتاجي الخدمة في العراء لأن الإمكانيات لا تسمح، والمستشفيات لا تتسع، والأسرّة لا تكفي؟. هل صحيح أن خفايا (طبخة) رائعة ستنقل الخدمات الصحية من عالمٍ لآخر، ومن مرتبةٍ متدنِّية إلى أخرى مُتقدِّمة؟ هل الحل العملي كامن فعلًا في التأمين الطبي الإلزامي؟ ومَن سيتحمَّل هذه الفاتورة الضخمة؟ ربما تظهر هنا مواهب وبراعة وزير الصحة الجديد، فهو عين يقظة على تجاوزات القطاع الخاص؛ الذي يُفترض أن يُؤدِّي الخدمة مقابل التأمين المدفوع. لقد أثبت ذلك من قبل، فكان حليف المستهلك ضد أطماع بعض التجار! وزارة الصحة اختبار عسير وشاق لصاحب القرار الأعلى فيها. ولذلك لا بد من مداومة المذاكرة جيّدًا، ليس لاجتياز الاختبار المحلي الدنيوي، وإنما هو ميدان واسع للنجاح الأخروي أو التعثُّر لا سمح الله! كل آهة مريض لا يجد رعاية صحية أو لا يجد دواء باهظ الثمن، أو لا يجد تطبيبًا حسن المستوى.. هي شكوى صامتة مرفوعة إلى السماء تُسمع من فوق سبع سماوات. في الصحة تحديدًا لا تكفي النوايا الحسنة، ولا العبارات المُنمَّقة، ولا الاجتهادات الخاطئة، ولا المجاملات الوادعة!! لا يغني عن ذلك كله إلاّ خدمة طبية جيّدة تُوفّر في كل بقعة من هذه الأرض المباركة. [email protected]