كنتُ قد وعدتٌ الأسبوع الماضي بكتابةٍ تحليلية عن مقال معالي وزير التعليم، الشهير، ولكنه خطأ الكُتّاب الأسبوعيين إذا خانت أحدنا المساحة، واضطر إلى تجزئة المقال في موضوع حيّ، هو مدار نقاش هذه الأيام، ليجد الموضوع قد أُشبِع طرحًا وتحليلًا. وجدتُ أن الزملاء كتبوا كل ما أريد تناوله، وبتفصيل جيّد وجدير بالتأمل، وأنتقي من تلك الكتابات ما شدّني أكثر من غيره مثل مقال الأستاذ/ فهيد العديم في جريدة «مكة» (تعليمنا إلى أين)، ومقال د. صلاح معمار (تعليمنا إلى هناك)، وهو مقال تحليلي أشبه ما يكون بورقة علميةٍ -إلا أنه يعيبه الطول المفرط- لخّص مقال الوزير وأجاب عن كل نقطة بما يشبه المقال الكامل لكل نقطة، مع تقديمه لمقترحات بالغة الأهمية، أُحثُّ المهتمين على قراءتها. امتازت لغة مقال معالي الوزير بالإحصائية، وبين كل فقرة وفقرة تصدمك معلومة (بين قوسين)؛ فلم تكن اللغة تشاؤمية مفرطة، بقدر ما كانت واقعية.. مع إحساس قد ينتاب القارئ -على اختلاف طبقات القراء- بالتوجّس والقلق والإحساس بجدية الطرح والمحاذير والتوقعات القادمة، مع ضبابية نسبية من ناحية الحلول العملية المتوقعة أيضا. أشار في أكثر من ملمح وإشارة إلى أنّ الإعلام الجديد مشكلة، لم يكن متخوفًا منه، وإنما حاول إفهام المتلقي أن يتعاون معه (لا أين يتعاطف في تجاوز كل الأخطاء) وأن الإعلام الجديد بتشكيله للرأي العام قد يشكل عائقًا أمام عمل الوزارة!! كان ذكيًّا في اختيار العنوان، وكأنه يدلّل على أنه لم يتغير شيء.. فكان الكاتب ذكيا في الإقناع، وذكيًّا أكثر في المدخل وشدّ المتلقي؛ إلا أن المتن كان صعبًا وشائكًا؛ إذ تجدُ أنّ أكثر جملةٍ اقتُبست من مقال الوزير في الأسبوعين الماضيين عند أكثر من كاتب وفي غير جريدة، هي هذه الجملة: «لا شكّ في أن نظامنا التعليمي لا يزال مكبلًا بكم هائل من التحوطات والتوجسات المكتوبة وغير المكتوبة، والمخاوف المكبوتة وغير المكبوتة، والتدخلات ممن يمتلك الخبرة والمعرفة والدراية والحكمة وممن لا يمتلكها، ممن يحشر أنفه في كل قضية، ويفتي في كل شاردة وواردة، وممن يتخوف من كل جديد فيحاول أن يمحو كل فكر مبدع ويسعى إلى تكبيل الميدان بشكوك وهواجس ومعارك صغيرة وتافهة هنا وهناك».. وهي في نظري زبدة المقال، وأفهمُ منها إشارةً إلى عنوان الكتاب الذي نشره معالي الوزير عن «إصلاح التعليم»، وهو كما أسلفتُ -في مقال سابق- عنوانٌ يكفي لوحده وبجرأته دون مضمون الكتاب لحلحلة كل مشكلات التعليم... فما الذي تغيّر؟! والخلاصة في كل ما ذُكِر وكُتِب.. هي فيما أورده الزميل «العديم» من تشبيهات بالغة الخطورة حيال التعليم ومقال الوزير، وتلقّي الرأي العام واستجابته له.. مؤملين الوصول إلى بر الأمان في هذه الرحلة المشوّقة! [email protected]