لا عجب أن يفتخر كل منا بما أنجز أبوه أو أنتج أجداده أو أن يذكر بالخير دور جماعته في الاقتصاد والتنمية فضلاً عن إعلاء شأن من يمتُّ له بصلة ، فالله خلقنا قبائل وأعراقاً وأسكننا على أرضه الواسعة لكي نتعارف، فكلنا لآدم وآدم من تراب، ولذلك بقدر تنوعنا العرقي تتنوع مهننا فبعضنا يزرع القمح والشعير وآخرون ينتجون الموالح وهناك من يعتمد على التنقيب وآخرون وهبوا معادن نادرة لا توجد إلا بأرضهم وكل يتبادل وينتج ويتعامل تجارياً واقتصادياً لتحقيق الخلافة في الأرض، ودائما الفتى من يقول هأنذا وليس كان أبي ، ورغم اختلاف المنتجات والمهن والألسن يظل البشر متساوين وإن خلقوا مختلفين، وتظل القبيلة درجة من درجات الانتماء وهي موجودة في أنحاء العالم وعرفتها ثقافات الشعوب كلها ،ولكن هناك فرق بينها وبين القبلية. فى أسبانيا صارت في إطار اقتصادي حين تحالف بيروقراطيون ومقاولون لمنح بعضهم البعض العقود في مقابل تقاسم الربح وكانت العطاءات تمنح على أساس الانتماء القبلي مما أدى لخروج شركات كانت ناجحة ولها اهتمامات بالجودة لتحل محلها شركات علاقات قبلية لا تهتم إلا بفائدة المجموعة، ولماذا تهتم بغيرها طالما أن العقود تمنح على أساس الانتماء، وفي المحصلة كان لهذا النهج ضرر بالغ بالتنمية الأسبانية والقطاع الخاص وضمن عوامل قادت لتعقيدات الأزمة المالية التي شهدتها أسبانيا وصارت مضرب المثل في الفشل الاقتصادي. اهتم الاسلام بالقبيلة ولكنه أسمى الممارسات القبلية بأنها من الجاهلية، وأعلى في المقابل من معايير غير قبلية، قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، مع ذلك تطل في منطقتنا من وقت لآخر قبلية في دلالاتها الحرفية ومعانيها الاقتصادية مما يناقض ثقافتنا الإسلامية وهو توجه ضد العصر أن تبرز ممارسات تفضل الفرد على أساس القبلية وليس على معيارية التقوى والكفاءة والقدرة على الأداء والانتاجية، لهذه الممارسات آثارها السلبيه على التنمية ونجاح خطط التحول الاقتصادي واختيارات الفرد في انتخابات أعضاء مجالس البلدية أو مجالس إدارات الغرف التجارية مما ينبغي أن لا تكون القبلية حاضرة حتى بالشركات العائلية التي كثيرا ما توظف على أساس القربى ومعاني القبلية أو (الأهل) لأن من ينقصه التأهيل سينعكس أداؤه على الإنتاجية والربحية وعلى استمرارية الشركة واسم العائلة. إن خطة التحول الاقتصادي تعتبر من أهم الخطط الاقتصادية خاصة في قابليتها للتطبيق والحال كذلك فإن تعميم ثقافة تحدُّ من التحيز على أساس قبلي أو عشائري سيكون مفيداً ليمنع آثار التحيزات على الاقتصاد والتوطين وعلى الموارد البشرية والعملية التنموية ومعدل نجاح خطط التنمية فضلاً عن تعميم ثقافة الحوكمة والشفافية التي أعلت من شأنها خطة التحول الاقتصادي.