يتحدث الكثيرون عن أرامكو هذه الايام وكأنها قطعة من عالم خارجي لا يمت لنا بصلة متناسين أنها كانت ومازالت العمود الفقري لاقتصادنا الوطني ولنهضتنا التنموية منذ تفجر ينابيع البترول في بلادنا. ويربط الإعلام العالمي خبر توجه الدولة في الوقت الراهن بنزول الأسعار وكميات الاحتياط المكتشفة في أراضي المملكة . وشركة أرامكو للذين لا يعرفونها ربت أجيالاً ناجحين ورعت أسراً ومهَّدت ودعمت كل مشاريع التنمية الحديثة في المملكة. دعمت القطاع الخاص وظهر من خلال مشاريعها عدد كبير من رجال الأعمال الناجحين أمثال المرحوم الشيخ سليمان العليان والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى. بنيت الطرق والمطارات والشوارع والقصور الفخمة وانتعشت التجارة والعمران في كل مناطق المملكة. كل ذلك من خير البترول الذي منَّ الله علينا به وبفضل إدارته الحكيمة تحت شركة أرامكو وموظفيها من أبناء البلد. تحولت في الثمانينات من القرن الماضي الى شركة وطنية بالكامل بدون ضجة إعلامية وبدون أي إرباكات لعملياتها وإنتاجها واستمر النماء والإنجازات بعد أن تسلم السعوديون الادارة بتفوق واقتدار. مدارسها ومشاريع الاسكان أحياء نموذجية ومميزات الرواتب والادخار والعلاج والبعثات الخارجية لا تضاهى في أي مكان من العالم. استفدنا من التأسيس الاجنبي وبنينا عليه بنفس المستوى وأفضل في بعض الحالات. ومن أسرار نجاح ارامكو وموظفيها حكمة قيادة الدولة التي لم تتدخل في عملياتها اليومية واكتفت بالمراقبة عن بُعد لأن النجاح لا يحتاج إلا لتركه يسير في طريقه الصحيح. شركة أرامكو اكبر شركة بترول في العالم وضعت المملكة أكبر دولة بترولية لها مكان الصدارة في أوساط الطاقة العالمية ،تؤثر على كل اقتصاديات العالم. ولم نكن الوحيدين المستفيدين بل استفاد العالم بأسره من بترول السعودية الذي تديره أرامكو السعودية. والتوجه لتحويل بعض قطاعات أرامكو من شركة مقفلة تملكها الدولة الى شركة مساهمة في بعض قطاعاتها يعد تطوراً طبيعياً في هذه المرحلة وسيكون ميزة مضافة بإذن الله تعالى اذا سلمت من تقلبات السوق وتلاعب المحتالين كما هو الحال في بعض الشركات الأخرى وكما نشهده من سوء ادارة وهبوط اسعار في بعض الشركات المدرجة في سوق المال السعودية حالياً. التحول الجديد يحتاج لدراسات متأنية حتى لا يتم التخصيص تحت ضغط شح الموارد المالية بصفة عامة ونزول أسعار البترول والدورة الاقتصادية الجامحة. البنية التحتية في الشركة متينة وينبغي الاستماع للاختصاصيين في الشركة واخذ آرائهم مأخذ الجدية والاعتماد على خبراتهم في مجال الصناعة البترولية التي اكتسبوها بالتدرج والمثابرة والتفاني. وكم من شركة نزلت السوق وهي على حصان أبيض وتحولت الى عربة عرجاء لم تستطع الحفاظ على الحد الادنى من رأس مالها. والدخل المعقول الثابت أفضل من المخاطر التي تتحكم فيها عوامل السوق المتقلبة. وصاحب هذا القلم ليس من المتشائمين لأنه بدأ حياته في سن مبكرة في شركة أرامكو وانتهى به المطاف الوظيفي في أروقة المنظمات الدولية وصناعة النقل الجوي ولكن تجربة أرامكو لازالت محفورة في الذاكرة بكل فخر واعتزاز بإنجازات الوطن العظيمة في صناعة البترول وغيرها من المشاريع الحيوية في وطننا الغالي. [email protected]