رفض وزير البترول والثروة المعدنية علي النعيمي الحديث للإعلاميين، أمس، بعد أن أثار عددا من القضايا المهمة عبر كلمته أمام منتدى التنافسية الخامس الذي تستضيفه العاصمة الرياض. وتجمع الصحفيون عند باب المغادرة بقاعة الفور سيزون ببرج المملكة في الرياض ، متأهبين بأسئلتهم للوزير ، لكنه لم يتجاوب معهم و اكتفى بالقول، « المستقبل هو المستقبل، وكل المعلومات التي تسألون عنها قلتها، وليس لكم حاجة ولا داعي أن تسألوا أسئلة أخرى». وكان النعيمي رد على سؤال أحد المشاركين في المنتدى بشأن توجهات وزارة البترول للقطاع الخاص في عملية الاستكشاف في الدول الخارجية، قائلا: « كثير من الدول التي تزور المملكة تسأل عن مقدرة القطاع الخاص على المشاركة في عملية الاستكشاف والتطوير والإنتاج خارج المملكة، فنشير عليهم بالاتصال بالشركات مباشرة، وآخرها الزيارة الأخيرة لوزير الطاقة التركستماني، فقد قال لي إن عندهم فرصا كثيرة ويحتاجون إلى مشاركة الشركات السعودية، وأوصينا بأن يتصلوا بالشركات مباشرة ». وأكد النعيمي في ورقته التي قدمها بعنوان «السوق البترولية العالمية خلال العام 2011»، على أن المملكة أصبحت في السنوات الأخيرة في مصاف دول العالم القادرة على المنافسة، في قضايا جذب الاستثمارات العالمية، ورفع مستوى الإنتاجية وتوفير البنية التحتية المناسبة، وغير ذلك. وقال النعيمي « فيما يتعلق بقطاع البترول فإن الصناعة البترولية السعودية، تحظى بمكانة مرموقة في أوساط الصناعة البترولية العالمية، لاسيما شركة أرامكو السعودية، التي تعد من أفضل الشركات البترولية في العالم. وأضاف :«فيما يخص الاقتصاد العالمي، فإنه من الواضح أن العالم قد خرج من الأزمة العالمية الاقتصادية، إلى حالة النمو الذي بدأ العام الماضي، ويتوقع أن يستمر خلال هذا العام، ثم يتسارع تدريجيا في الأعوام المقبلة»، لافتا إلى أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي سينمو هذا العام وبمعدلات تفوق 4 % أي ما يقارب وتيرة النمو قبل الأزمة». وقال النعيمي إن السوق البترولية الدولية ستتأثر بهذه التطورات خلال هذا العام، حيث يتوقع أن يستمر الطلب العالمي على البترول في النمو، وتشير أغلب الدراسات إلى أن زيادة الطلب العالمي على البترول ستبلغ ما بين 1.5 – 1.8 مليون برميل يوميا، أي 2 % مقارنة بالعام الماضي، وبالذات في ثلاث مناطق رئيسة هي: جنوب شرق آسيا وبالذات الصين والهند، ومنطقة الشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية. وأضاف «يمثل هذا العام 2011 نقطة تحول مهمة في هذا الاتجاه، حيث يقترب مستوى الطلب على البترول في الاقتصاديات الناشئة والدول النامية مع الطلب في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، علما بأن الطلب في الدول النامية والناشئة سيتخطى نظيره في الدول الصناعية بحلول عام 2013، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الصناعة ». وأكد النعيمي أن السوق خلال العام الجاري ستكون في مرحلة توازن بين العرض والطلب مع وجود مخزون تجاري مناسب، وطاقة إنتاجية فائضة يتم استخدامها في حالة وجود أي ظرف طارئ غير متوقع، لأسباب سياسية أو طبيعية، في المناطق المنتجة أو المستهلكة للبترول . وقال :«من هذه المنطلقات، أتوقع استمرار زيادة الأسعار عند المعدلات التي كانت عليها العام الماضي، والشيء الوحيد الذي أخشاه هو ضغط المضاربين في السوق الآجلة على الأسعار من أجل دفعها للارتفاع أو الانخفاض، بعيدا عن عوامل السوق الطبيعية» . وتحدث النعيمي عن السياسة البترولية السعودية فقال «هذه السياسة، التي تتم بتوجيهات وإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لها ثمانية منطلقات رئيسة: هي الاعتدال و التعاون مع دول العالم في مختلف الجوانب، والعمل لاستقرار السوق البترولية، و الاهتمام بالسوق المحلية، والاهتمام بالجانب الإداري، والاهتمام بالجوانب البيئية، والاهتمام بالتقنية، فضلا عن النظر إلى البترول كجزء من منظومة الطاقة، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، فمصادر الطاقة المختلفة يكمل بعضها البعض. وشدد النعيمي على استقرار السوق سواء من حيث العرض أو السعر باعتباره يعد هدفا أساسيا للسياسة البترولية السعودية، موضحا أن هذا الاستقرار يعني ركيزتين رئيستين: الركيزة الأولى: توازن العرض مع الطلب، مع وجود مخزون تجاري مناسب، لاستمرار إمداد المصافي البترولية لمدة كافية، وبدون أي انقطاع، والركيزة الثانية: استقرار أسعار البترول عند معدلات لا تضر بوتيرة النمو في الاقتصاد العالمي، وخصوصا في الدول النامية، وفي الوقت نفسه تحقق دخلا مناسبا للدول المنتجة . وتابع، «تهتم سياستنا التجارية البترولية بتحقيق عوائد مناسبة من تصدير البترول، إلا أننا نسعى في الوقت نفسه إلى تسخير الصناعة البترولية من أجل تنمية الاقتصاد الوطني، من حيث الحصول على القيمة المضافة من جراء تكرير وتصنيع البترول والبتروكيماويات، كما أننا نسعى إلى المساهمة في توسعة القاعدة الاقتصادية للمملكة، للتخفيف من الاعتماد على تصدير البترول، وذلك بتشجيع الصناعات المختلفة والمعتمدة كليا أو جزئيا على توافر الطاقة، ويأتي ضمن ذلك رفع كفاءة استخدام الطاقة». وقال النعيمي « نحن ندرك في المملكة العربية السعودية أنه من أجل إيجاد صناعة بترولية منتجة وقادرة على الاستمرار والمنافسة وتحقيق السياسة العامة للدولة في جوانبها الاقتصادية والبترولية، فلابد من وجود صناعة بترولية قادرة على تحقيق هذه الأهداف، ومن أهم الجوانب في هذا الاتجاه إيجاد النظام الإداري المناسب والاهتمام بالعنصر البشري تعليما وتدريبا وتأهيلا ». وأضاف النعيمي «إنني متفائل بوضع السوق البترولية الدولية هذا العام والأعوام المقبلة؛ حيث ستكون ميزتها الرئيسة الاستقرار في العرض والطلب، والاستقرار في مستوى الأسعار، مشيرا إلى أن «سياسة المملكة البترولية سياسة راسخة وثابتة وواضحة المعالم، تهتم بالوضع الحالي والمستقبلي، والصناعة البترولية السعودية متميزة وقادرة على المنافسة دوليا وعلى أكمل وجه» .