يقود سمو الأمير محمد بن سلمان مرحلة تحول اقتصادي مهم للمملكة، رغم عدم اطلاعي على تفاصيلها ولكن المنشور عنها يدفع للتفاؤل فهي تستهدف التوظيف الكامل وتصويب الإنفاق العام ورفع إنتاجية القطاع العام وتعميم الشفافية واعتماد التدرج ،فالتجارب التي يطبعها تعجل الخطى قلما أصابت توفيقاً. للاقتصادي الشهير (كيسيرلنج) فكرة أراها صائبة وذات صلة وهي (الانتقائية الاقتصادية للقطاعات) عوضاً عن شمولية سياسات مالية وضريبية وأسعار فائدة، لأن لكل قطاع تحدياته والاختيار الانتقائي يساعد الدولة لتتدخل حسب مقتضى حال القطاع بما يحقق الهدف الأبعد، التوظيف الكامل وتنويع مصادر الدخل، فتدخل الدولة لرفع مهارات قطاع الموارد البشرية مدخل اقتصادي يوفر العمل اللائق الكريم لكل مواطن قادر ومستعد وراغب بالعمل وهو تدخل سيزيد حتماً السعة الإنتاجية للاقتصاد الوطني. ولهذا على عكس النظريات الاقتصادية الكلاسيكية فإن رؤية (كينز) ترى أن هيكل السوق الفعلي ليس من طبيعته السماح بمنافسة حرة (كاملة) لأن هناك شركات كبرى تهمين على القطاع (بالحجم) مثلما تهمين على الأجور والأسعار ولهذا التدخل الذي يحث عليه(كيسيرلنج) حميد ولكن لن يتم بلا مقاومة شرسة من المنشآت المهيمنة فاقتراحي أن تتبنى المملكة برنامج الضمان الوظيفي في قطاع كقطاع البناء والتشييد باستقطاب الطلاب من المرحلة الثانوية العامة ووضعهم في مسار وظيفي عملي وحرفي وتقني يضمن لهم وظيفة بأجر مغرٍ متى عمل بجدية والتزام ويربط مساره بفرصة امتلاك مسكن وتكوين أسرة وأيضاً الحصول على شهادة جامعية على أن يكمل فترة عمل طويلة نسبياً وأن يستهدف المسار تغيير نظرة الشباب للعمل اليدوي الحرفي ،فالتدخل في هذا القطاع بقدرما يحد من العمالة الأجنبية بقدرما يرفع معدل التوطين وبالتالي الإيرادات العامة للدولة بكبح تسريب النقد الأجنبي أو بتعبير(كينز) تفعيل سياسات مالية لتحقيق أكثر من أثر ينعكس إيجاباً على الاقتصاد ودخل الفرد. لقد رصدت الموازنة 183مليار ريال للتحول الاقتصادي وأرى بأن تكون إعادة هيكلة قطاعات الاقتصاد (بانتقائية) تعطي أولوية لرفع كفاءة الانفاق العام وتحسين الأداء وتحقيق رضا المواطن وتيسير أعمال القطاع الخاص وتوجيه الدعم لمن يستحقه فضلاً عن تغيير ثقافة الشباب عن(نوع) العمل، رغم أن تغيير ثقافة الفرد يأخذ وقتاً ولكن متى نهضت الإدارات التعليمية بنقل دلالات السنة النبوية وآثار السلف الصالح، فستحقق النجاح، فالرسول الكريم حثنا على العمل وقال: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها) وشجع العمل اليدوي وأمسك بيد عبد الله بن مسعود الخشنة ورفعها قائلاً(هذه اليد يحبها الله ورسوله) ، وأعلى من مكانة من يعمل ويجود الحرفة وانتقد العجز والقعود وقال (من تضعضع لغني، ذهب ثلثا دينه) ولهذا سنته القولية والفعلية ينبغي أن تكون حاضرة في مناهجنا، فمن يرفض العمل بأي مهنة شريفة هو ضحية ثقافة تفاضل المهن ما فارقت العمل الحرفي ، وهو ما يعني أن تطوير المناهج يرتبط بالتدخل في قطاع الموارد البشرية على نحو التدخل في قطاع التشييد والبناء فإن تم تطوير القطاعات المختلفة فإننا لا نحتاج لدراسات ومكاتب استشارية رغم أهميتها ، لتطبيق رؤية ولي ولي العهد، ولكن لا بد من الانتقائية الإيجابية للقطاعات حتى نحقق التحول المنشود.