قليلون في ملاعب كرة القدم هم من ينجحون في إعادة اكتشاف أنفسهم من جديد بعد أن يظن الجميع أن زمنهم قد فات، وأحد هؤلاء هو حارس الأهلي المتألق ياسر المسيليم الذي كما يقولون «جاء يطل.. غلب الكل»، فبعد أن تراجعت مسيرته كثيرًا خلال المواسم الثلاثة الأخيرة التي ظل فيها حبيسًا لمقاعد البدلاء مع اعتماد مدربي الفريق على زميله عبدالله المعيوف، عاد المسيليم هذا الموسم بثوب جديد مرتديًا قفاز الإجادة في واحد من أنجح مواسم الأهلي رقميًا حتى الآن. وصل المسيليم لمرحلة النضج الكروي وهو على مشارف عامه ال32 وحوَّل مواطن ضعفه التي أُخِذت عليه في السابق -كالكرات العرضية- لنقاط قوة زادت من تكامل أدائه ليقدم موسمًا مذهلًا فرض به نفسه على الساحة من جديد كأحد حبات عنقود الموهوبين في الحراسة السعودية. وما يضاعف قيمة «انتفاضة» المسيليم لدى كافة الأهلاويين هو أنها جاءت في وقت بالغ الصعوبة بالنسبة للأهلي بعد أن ابتعد حارسه الأساسي عبدالله المعيوف عقب نهاية الموسم الماضي بشكل مفاجئ، وهنا ظهر المسيليم بثقة غرزتها فيه التجربة الطويلة وخبرة السنين، ليقبض بقفازه على خانة الحراسة الأهلاوية دون منازع، وهو ما أكد عليه مدربه جروس خلال حواره مع «المدينة» عندما استبعد تمامًا إمكانية عودة المعيوف للمشاركة في ظل التألق الكبير للحارس المخضرم.. بالفعل «ربّ ضارة نافعة». العودة للأخضر مستوى المسيليم أقنع الهولندي بيرت فان مارفيك المدير الفني للأخضر بإعادته إلى قائمة الفريق خلال رحلته بتصفيات المونديال، ولا يزال الحارس يبحث عن استعادة مكانته الأساسية تحت عارضة مرمى المنتخب الوطني الذي بدأ تمثيله منذ أن كان في الثانية والعشرين من عمره ولعب بقميصه 21 مرة أهمها المباريات الست التي شق بها الأخضر طريقه لنهائي كأس أمم آسيا 2007 قبل الخسارة أمام العراق. أرقام مدهشة لا تتاح الفرصة أمام حارس المرمى لتسجيل الأهداف لكنه يستطيع أن يكون «نصف فريق» كما يردد النقاد دائمًا، والمسيليم هذا الموسم أثبت بأرقامه المدهشة أنه بالفعل نصف فريق، وأكثر. فالحارس الذي لم يغب عن فريقه ولو دقيقة واحدة هذا الموسم، حافظ على نظافة شباكه في 8 مباريات من أصل 13 بالدور الأول من دوري عبداللطيف جميل، واستقبلت شباكه 6 أهداف فقط وهو ما يقل عن أي حارس آخر ب4 أهداف على الأقل، ويبلغ إجمالي تصدياته (42) بنسبة تزيد عن ال3 تصديات في المباراة الواحدة. وتؤكد الإحصائيات أنّه تطور بشكل كبير في التقاط الكرات العرضية، فخلال 17 عرضية خرج للتصدي لها، أمسك بالكرة 12 مرة مقابل 5 «لكمات» فقط.. كما أن مدربه يعتمد عليه في بدء الهجمة بالنظر إلى أنه مرر 301 كرة خلال المباريات ال13، كأعلى من أي حارس آخر في الدوري. ونقل المسيليم تألقه إلى كأس ولي العهد الذي بلغ الأهلي مباراته النهائية، فبعد أن تلقى هدفين من هجر في دور ال16 حافظ على نظافة شباكه أمام الاتفاق بدور ال8، وكرر الأمر ذاته في دور ال4 أمام الاتحاد بأداء راقٍ وقف به أمام سيل الهجمات الاتحادية ليقود فريقه إلى النهائي.