حريقُ مستشفى جازان ليس له من وصفٍ سوى أنه «كارثةٌ» فاللهمَّ ارحمْ الموتى واجعلْهمْ من الشهداءِ.. واشفِ اللهمَّ الجرحى وأعدْهم إلى أهلِهم سالمين.. لكنَّ المحاسبةَ يجبُ أن تكونَ أولويةً.. وحريقُ جازانَ ليس سوى واحدٍ من سلسلةٍ من حوادثَ تتكرَّرُ بدونِ حسابٍ أو عقابٍ يوازي الفعلَ نفسَه. من أحدِ مسبِّباتِ ارتفاعِ عددِ الموتى والجرحى إغلاقُ مخارجِ الطوارئِ بالسلاسلِ الحديديةِ كما نقلَ شهودُ عيانٍ ومتطوعون مشاركون.. وهو ما يتنافى كليةً مع اشتراطاتِ وإجراءاتِ السلامةِ. وهذه ليستْ المرَّةَ الأولى التي لم يُلتزمْ بها بشروطِ السلامة. فالحوادثُ السابقةُ المشابهةُ منذُ حريقِ المدرسةِ المتوسطةِ في مكةَالمكرمةِ كان من أحدِ أهم أسبابِ كثرةِ الموتى والمصابين إغلاقُ منافذِ الطوارئِ بسلاسلَ حديديَّةٍ. لو تجوَّل المرءُ في كلِّ مباني المؤسساتِ حكوميةً وأهلية.. بنوكٌ، مدارسُ، جامعاتٌ، وزاراتٌ، مستشفياتٌ في طولِ الوطنِ وعرضِه سيجدُ إغلاقاً مُحْكَماً لكلِّ مخارجِ الطوارئِ وبصورةٍ لا تمنعُ فقط الخروجَ والدخولَ، بل وفتحَها بالقوةِ وكسرَها عند اللزومِ..!؟ السببُ في عدمِ اتِّباعِ احتياطاتِ وإجراءاتِ السلامةِ إما الإهمالُ أو اللامبالاةُ أو عدمُ تقديرِ المسؤوليةِ فبحجةِ الأمان (security) تُقفلُ كلُّ هذه المخارجِ ويُرفض أي تفكيرٍ في خطورةِ ذلك أو في سلامةِ مستخدمي تلك المباني أو حتى المغزى الأساسي من تصميمِها. وبقدرِ ما تكونُ مسؤوليةً مباشرةً لإدارةِ ومسؤولي الجهةِ التي تقعُ الكارثةُ في محيطِها بقدرِ مسؤولية الدفاعَ المدني فهو الجهةُ الأولى والمباشرة عن ضمانِ تطبيق إجراءاتِ وشروطِ السلامة في كلِّ مرافقِنا بما فيها محطاتُ البترولِ التي هي أبعدُ ما تكونُ عن اتباعِ وسائلِ السلامة. ولهذا فهو معنيٌّ باستمراريةِ عملِ هذه الجهةِ أو تلك أو إقفالِها إنْ لم تكنْ ملتزمةً بوسائلِ السلامة وبدونِ ذلك سيستمرُ الحالُ وتتحولُ حوادثُ بسيطةٌ في بدئِها إلى كوارثَ تُخلِّف قتلى وجرحى ومصابين وثكالى، وحزناً يُجلِّل فضاءَنا المجتمعيّ. [email protected]