«السفيرة عزيزة» لقب يطلقه إخوتنا المصريون على ذات العز والجاه، والأصل والفصل. وما بين الدول العربية يمكن إطلاق هذا اللقب على فلسطين الحبيبة التي كانت وما تزال عزيزة بممانعة أهلها ومقاومتهم وتصديهم للظلم والبغي والعدوان، وإن نظرنا حولنا اليوم لا نجد إلا مقاومة الفلسطينيين بصدورهم العارية لرصاص الصهاينة الحي، وهي المقاومة الحقيقية بمقابل المقاومة التي ثبت زيفها، التي يدّعي حزب الشيطان زورًا وبهتانًا أنه يمثلها في وجه إسرائيل، فهولا يقاوم إلا المقاتلين السوريين الشرفاء من أهل السنة، بحقده الطائفي. والسفيرة عزيزة: فلسطين تمثل الممانعة الحقيقية الوحيدة بمقابل الممانعة الكاذبة المزيّفة التي ادّعى المسمَّى بالأسد وأشياعه ومؤيدوه من دول البغي والضلال أنه يمثلها ضد إسرائيل أيضًا، ودون أن تنطلق في عهده أوعهد أبيه رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل خلال أربعين عامًا، بينما أفرغ كل رصاصه وأطلق كل صواريخه وقذائفه باتجاه صدور السوريين وحدهم من أبناء الوطن الحقيقيين. وعليه فإن فلسطين فقط هي من تقاوم اليوم وتقدم الشهداء تلوالشهداء في معركة غير متكافئة، ولكن الله على نصر أهلها قدير. أعود إلى السفيرة عزيزة وقصتها، وما يحصل اليوم في فلسطين ذكرني بفيلم مصري قديم يعود إلى الستينيات يحمل اسم «السفيرة عزيزة»، وعزيزة في الفيلم فتاة ذات حسن وجمال ومال، ولكنّ أخًا مجرمًا لها استولى على بيتها ومالها، ولم تجد من ينصفها منه إلا زوجها، ولكي يحقق لها هذا الحلم؛ عمد زوجها إلى تدبير مكيدة للمجرم السفاح مع الشرطة، بحيث تقبض عليه متلبسًا بمحاولة قتل الزوج، وعلم المجرم بالمكيدة، فاتفق مع مجموعة من «البلطجية» من أعوانه، أن يختلقوا عركة أو»خناقة» أمام دار عزيزة لكي يشغل الشرطة بها، بينما ينقضّ السفاح على الزوج يُجهز عليه وعلى صديق له. فكان ذلك فعلًا، وأوشك المجرم أن يفتك بالزوج، ولكن الحمية دبّت في عروق ذلك الزوج المسالم فاستشاط غيظًا وانقضّ على المجرم كالوحش الكاسر، وطرحه أرضًا واستردّ حقوق عزيزة. تلك القصة تمثل ما يحصل في فلسطين اليوم. فالعالم كله -بمجلس أمنه- مشغول بقضايا كثيرة يظنها أهم؛ عن قضية فلسطين، ويكفي ما يحصل في سوريا من عدوان روسي، وما يُدبَّر في إيران والعراق من مؤامرات، وما تشهده ليبيا من انقسامات لا تنتهي، ووجدت إسرائيل بحكومتها الباغية ومستوطنيها الهمج فرصة تأريخية لتشفي غليلها وحقدها على الفلسطينيين، بالقتل وسفك الدماء وهدم البيوت لمجرد الاشتباه، كما أصبح سائدًا هذه الأيام، وهي تعلم أن «شرطي العالم» مشغول تمامًا في بقع أخرى عن بغيها وفسادها. ولكن الذي لم تحسب له حسابًا أن ينتفض هذا الشعب البطل بعد أن تخلّى عنه العالم كله، بما في ذلك العالمان العربي والإسلامي إلا القليل، وسببت هذه الانتفاضة في كل مناطق فلسطين بلبلة وارتباكًا وزعزعة لأمن هذه الدويلة الباغية، ومن يدري فقد ينتصر من ينتصرون للسفيرة عزيزة، «وما النصر إلا من عند الله»، وستبقى فلسطين إن شاء الله سفيرة للمجد والبطولة والفداء، عزيزة بكرامة أهلها واستبسالهم وشموخهم وعزتهم، وإن تخلى عنهم كل أهل الأرض. [email protected]