الكثير منا لا يعلم الهدف الكبير من إنشاء هيئة مكافحة الفساد وينظر إليها نظرة لا تتواكب مع عملها وأهدافها وينتظر منها تطبيق وتنفيذ أحكام وتنفيذ عقوبات وتشهير دون معرفة واضحة لعمل وآليات وتنظيماتها فعندما أصدر خادم الحرمين الشريفين الأمر الملكي بإنشاء الهيئة كان ذلك انطلاقًا من قول الله تعالى: (ولا تبغِ الفسادَ في الأرض إن الله لا يُحب المفسدين)، واستشعارًا منه للمسؤولية المُلقاة على عاتقه في حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليه، على هَدْي كريم من مقاصد شريعتنا المطهرة التي حاربت الفساد، وأوجدت الضمانات، وهيأت الأسباب لمحاصرته، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها، وأفرادها، ومستقبل أجيالها، وشمل مهام الهيئة كافة القطاعات الحكومية، ولا يستثنى من ذلك كائنًا من كان، وتسند إليها مهام متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات الخاصة بالشأن العام، ويدخل في اختصاصها متابعة أوجه الفساد الإداري والمالي، وظواهر الفساد تشمل جرائم متعددة مثل الرشوة والمتاجرة بالنفوذ، إساءة استعمال السلطة، الإثراء غير المشروع، التلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، غسيل الأموال، الجرائم المحاسبية، التزوير، تزييف العملة، الغش التجاري... إلخ، ودور الهيئة يقتصر على الملاحقة لكشف الفساد ومن ثم تتولى الأجهزة التنفيذية في الدولة دورها في إصدار الأحكام والتنفيذ وعلى الهيئة التأكد من ذلك، ووضعت الهيئة أهدافها التالية أساس لعملها: 1- حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره. 2- تحصين المجتمع السعودي ضد الفساد بالقيم الدينية والأخلاقية والتربوية. 3- توجيه المواطن والمقيم نحو التحلي بالسلوك واحترام النصوص الشرعية والنظامية. 4- توفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية، ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية منها. 5- الإسهام في الجهود المبذولة لتعزيز وتطوير وتوثيق التعاون الإقليمي والعربي والدولي في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد. 6- تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع. ونجاح عمل الهيئة لتحقق أهدافها يتوجب تلاقي طرفي المعادلة أي المواطن والهيئة وتفعيل الأدوار لكل جانب فالمواطن شريك استراتيجي للهيئة وهو من منظومة النجاح لها في التعاون المثمر والشفافية المطلقة التي من شأنها تعزز إشراك المجتمع المدني في حماية النزاهة وزيادة التوعية في السلوك والأخلاقيات لدينا وبالتالي سوف ينعكس هذا على أوضاع المواطن الأسرية والوظيفية وبناء أجيال صالحة تناط بها الثقة والرعاية لمصالح الدولة، لذا فإن مكافحة الفساد يجب أن تبدأ من المنزل أولا ثم المدرسة ثم الجامعات ثم الوظائف العامة والخاصة ولا نتخلى عن دورنا الحقيقي في المكافحة ونكتفي بالمشاهدة والانتظار ثم تدوير الحديث حول ما تم وما لم يتم والاكتفاء بالشائعات ونقلها.