الأخبار من العراق متضاربة، فبعد زوال الحكم الطائفي البغيض الذي مارسه نوري المالكي سادت الأجواء موجة من الأمل والتفاؤل بأن العراق سوف يستعيد عروبته ويستأنف دوره القيادي ويعود كما كان دائماً درعاً للعرب وحارساً أميناً للبوابة الشرقية للوطن العربي، وتابعنا بإعجاب محاولات قادة العراق الجدد وبمساعدة أشقائهم العرب استعادة اللحمة الوطنية وإغلاق صفحة الطائفية البغيضة واستنهاض روح العراق بمختلف أطيافه ومكوناته. إلا أن التطورات في العراق أصبحت تدعو إلى القلق، بدءاً من الاجتياح الغريب لعصابات داعش وسيطرتهم على أجزاء واسعة من العراق بما فيها مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، والانهيار المفاجئ للجيش العراقي الذي سقط ضحية تفضيل الطائفية والولاء على الوطنية والكفاءة، وأخيراً الاستعانة بالقوات الإيرانية بقيادة قاسم سليماني لتحرير المدن العراقية التي استولت عليها داعش انطلاقاً من تكريت. لا أدري لماذا يحتاج العراق إلى قاسم سليماني وقواته لتحرير تكريت والعراق غني برجاله وأبطاله وجنوده، ولا أدري لماذا اختار قاسم سليماني أن يكون له هذا الظهور العلني في تكريت بالذات، وهل ينوي سليماني مثلاً أن يقف على قبر صدام حسين وابنيه كما وقف اللنبي على قبر صلاح الدين؟ وماهي الرسالة التي ترسلها الحكومة العراقية عندما نشاهد عبر شاشات التلفزيون الرسمية صوراً لجنود يحملون العلم الإيراني ومقاتلين يرفعون رايات المليشيات التي ينتمون إليها ولوحات تنادي «لبيك ياحسين «؟ وكيف يمكن لأبناء العراق في تكريت والموصل وغيرها من المناطق المأهولة بالعرب السنة أن يطمئنوا وهم يراقبون هذا المد الطائفي المفضوح يغزو مدنهم وقراهم ويهدد وجودهم وشرفهم وكرامتهم؟! لقد تألمت عندما سمعت أحد أفراد المليشيات الداخلة إلى تكريت وهو يتغنى بأفضال قاسم سليماني على العراق ويدعو إلى إقامة تمثال له عرفاناً بما قدمه للعراق وتمجيداً لإنجازاته في نجدة العراق، وتساءلت هل حطم العراقيون تماثيل صدام ليستعيضوا عنها بتماثيل قاسم سليماني؟ لا يبني العراق إلا أبناؤه ولا يحرر مدنه وقراه إلا جنوده، ولا يبني وحدته إلا قادته المؤمنون بوطن واحد يسمو فوق الأحقاد ويترفع عن الفرقة ويؤمن بالتاريخ المجيد للعراق الحر المستقل، وإلى أن يثبت ذلك سوف أظل أخاف على العراق. [email protected]