مبدأ أصبح يتلاشي كثيرا في مواقع العمل (التنافس الشريف)، إذ أن كثيراً من الأفراد يعتقدون أن نجاح الآخر يمكن أن يُهدِّد موقعه ومركزه، أو يضيع عليه فرصة عمل لطالما حلم بالحصول عليها، وهذه النظرة سببت كثيراً من الخلافات في مواقع العمل في مختلف القطاعات، إذ لا يكاد يخلو مجال عمل من هذه النوعيات من البشر المهزوزين غير الواثقين في مهاراتهم الوظيفية، ولو نظرنا لحقيقة التنافس لوجدنا أنها تعتبر في الشركات العالمية مظهراً صحياً، لأنها تدفع الآخرين لتطوير أنفسهم والبحث عن نقاط قوة يستطيعون من خلالها مواجهة المنافسة بشكل عملي وشريف، ولذلك تجد أن نجاح أحد الأفراد يمكن أن يساهم -ومن خلال التنافس- إلى نجاح العشرات في نفس المؤسسة أو الشركة، والذين دفعهم التنافس لزيادة الرغبة في الإنجاز والتميز، ولكن واقعنا يختلف كثيرا، فبمجرد وجود ناجح في موقع عمل ما، تجد أن التنافس يتحوّل وبطريقة أخرى إلى أساليب يتبعها محاربو النجاح لإفشال المتميز أو البحث عن نواقصه لإثبات أن ما يفعله ليس بالإنجاز، حتى لا يدفعهم لبذل الجهد في تطوير أنفسهم، أو إظهارهم بالنقص إن لم يحاولوا تحسين أدائهم. حقيقة ملموسة تحتاج لوقفة، لأن كثيراً من ممارسات أعداء النجاح تتسبب في خسارة المؤسسات والإدارات للكثير من المال والوقت والعناصر البشرية الجيدة، ولذلك لابد من التيقن لهذه الأساليب التي في أغلب الأوقات تكون خفية، ولكن آثارها على المصلحة العامة في أي شركة أو قطاع، كبيرة، فلابد من مواجهتها ومعرفة أساليب أصحابها، وحماية أي إنجاز من أي فرد عامل، لإثارة روح الحماس والتنافس بعيداً عن الإحباط وسياسة قتل الهمم لتحويل العمل لروتين يومي رخيم يبتعد عن المبادرة والإنجاز. إن التنافس الشريف وقود للهمم المخلصة لتقديم أفضل ما لديها، وهو أسلوب لحث الفريق ودفعه للأمام، وقد أشار المولى تبارك وتعالى في كتابة الكريم إلى (التنافس)، وبيّن -عز وجل- أنه نهج لتقديم الأفضل في العمل الصالح لنيل أعلى الدرجات في الآخرة، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، لذلك لابد لمن يملكون زمام الأمور في الإدارات والشركات أن يفهموا أهمية التنافسية الشريفة بين الموظفين ويحمونها، لأنها كلمة السر للإنجاز والجودة، وخلق بيئة عمل منتجة.