عندما دخل الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الحجاز، وجد أن من أكبر المشكلات التي تواجه سكان مدينة جدة هي قلة مياه الشرب، وعدم جودتها، ومعاناة الناس في الحصول عليها، خاصة مع تعطل ما كان يُعرف "بالكنداسة" التي كانت تزوّد المدينة بكميات محدودة من المياه، كما أخبره المختصون بأن الكنداسة مُعطّلة والناس تبحث عن الماء العذب في كل مكان، نظرا لقلة الأمطار، وبداية نضوب الصهاريج التي كانت تغذي المدينة عند طول فترات الجفاف، فأمر جلالته بتوفير محطة تقطير للمياه (كنداسة) جديدة، كما وجه - رحمه الله - في عام ( 1955م)، باستقطاب فريق علمي من الجيولوجيين الأمريكيين لدراسة أوضاع المياه في المنطقة، لكل من جدة بوابة الحرمين الشريفين، ومكةالمكرمة، حيث توافد الحجيج والعمار والزوار، ولمدينة الرياض عاصمة المملكة التي كانت تعاني من نقص شديد في المياه، أما المدينةالمنورة فكانت غنية جدا بالمياه خاصة الجوفية، مع وفرة العيون والخيوف ومنها العين الزرقاء، التي خدمت المدينة -على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم- لأكثر من 1300 عام. وجاء تقرير الفريق العلمي الأمريكي بأن منطقة مكةالمكرمة (جدةومكة) يمكن أن تزود بكميات كافية من المياه من عيون وادي فاطمة، حيث الوفرة المائية التي يمكن أن تسد احتياجات السكان، أما الرياض فهناك عيون الخرج التي يمكن أن تزودها بما تحتاجه من المياه. إن أكبر مشكلة تواجه العالم اليوم هي الزيادات في الأعداد السكانية، والتي يتواكب معها زيادة الطلب على المياه لسد احتياجات السكان، ومتطلبات التنمية التي تعيشها البلاد، وعليه فقد زاد عدد محطات التحلية لتصبح (25 محطة عاملة) تغطي معظم أجزاء المملكة وتزود سكانها بكميات كبيرة من المياه والكهرباء. نحن فعلا نحتاج إلى تفعيل مفهوم الترشيد لمواردنا المائية ولمصادر الطاقة في بلادنا وكيفية الحفاظ عليها، فالهدر واضح، حيث زادت كميات الاستهلاك والذي يتنامى يوما بعد يوم عن كميات المياه الواردة، حيث إن معظم مصادرنا المائية الطبيعية قد نضبت، أو أوشكت على النضوب الماء هو النماء، والهدر فيه لا يأتي بخير، وكما يقولون الإسراف سبب كل جفاف. [email protected]