الأمير خالد الفيصل أمير الكلمة بحق . أثارت إعجابي كلمته القصيرة التي ألقاها في حفل جائزة الملك فيصل العالمية الأسبوع الماضي برعاية وحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ولا شك أن الكلمة حظيت باهتمام إعلامي واسع . إلا أنني أود الإشارة إليها مرة أخرى . فهي تحليل اجتماعي وسياسي صادق وأمين . وبحاجة إلى التركيز على معانيها وأن يستوعب أكبر عدد ممكن من الناس ما تقوله . إذ وضع خالد الفيصل في كبسولة صغيرة ، هي هذه الكلمة ، كل ما تعانيه المنطقة العربية من مأساة فكرية وسياسية واجتماعية . تعالوا نتأمل كلمات وجمل ومعاني ماورد فيها: « أيها الحفل الكريم .. الأمر جلل .. في الكون خلل .. والصبر ملل .. واستفحل القتل ، واستكبر الجهل ، واستسلم العقل .. « القوي يَستغِل ، والضعيف يُستَغل .. وتستثمر حقوق الإنسان .. فتفرض هنا ، وهناك تُهان .. « لا مكان لضعيف ، ولا أمان لصديق أو حليف ، ولا اعتماد إلا على الله ثم على الذات .. ولا مجال للترف والملذات .. إنه يوم العزم والحزم والثبات .. « فلنشمر عن السواعد لنبني الوطن الواعد .. ونواجه الفكر بالفكر .. ونسترد الإسلام من خاطفيه .. ونحمي الوطن من مخربيه .. ونحسم الأمر مع خائنيه ونحول الصحراء مصنع قوة والشباب عقلاً وفتوة .. وندرك بالإيمان المستحيل .. ونسجد حمداً لله العزيز الجليل أن وهبنا قيادة تسبقنا بالمبادرة ، وحكومة تدفعنا للمثابرة ، ومواطناً يعتز دون مكابرة « . هذه الكلمة من أصدق ما قرأت تحليلاً لوضعنا المأساوي حيث أصبحت الأوطان تتمزق بيد أبنائها ويتاجر الكثيرون باسم الدين ، ويفجرون ويذبحون ويغتصبون ويتباهون بكل ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلنين أن ذلك هو الإسلام الذي يجب أن يطبق على الأرض ، ويعجز أصحاب الفكر الإسلامي عن رفع الصوت بما يكفي استنكاراً واستهجاناً ويتركون الإسلام مختطفاً من قبل مجموعة من الجهلة متعددي الأهواء والولاءات . مكانة المملكة العربية السعودية السياسية الدولية ، وتأثيرها الاقتصادي إقليميا ودولياً وتوفر قيادة حكيمة لها يجعلها مطالبة بلعب دور رئيسي سعياً لتحقيق التوازن لصالح شعوب المنطقة . ومن الملاحظ أن تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم جعل الرياض في الأيام الأخيرة ملتقى ووجهة للعديد من قادة العالم ، من الشرق والغرب ومن قادة المنطقة ، فيما يمكن أن يكون مظاهرة سياسية لقادة تلك الدول سعياً لحلول يتوقعونها من القائد السعودي لما تتعرض له المنطقة العربية من مآسٍ ولإيقاف مد التدهور والتأزم فيها . مطلوب إستراتيجية سعودية تعتمد على الذات وتأخذ بعين الاعتبار الواقعية السياسية التي جاءت في كلمة الأمير خالد الفيصل : " .. لا أمان لصديق أو حليف .. لنواجه الفكر بالفكر .. ونسترد الإسلام من خاطفيه ونحمي الوطن من مخربيه ونحسم الأمر مع خائنيه .. ونحول الصحراء مصنع قوة". [email protected]