الأكرلاميد مادة سامة، جاء اهتمام العلماء والهيئات الصحية بها لأن لها ارتباطًا بالأغذية النشوية المقلية، وعلى وجه التحديد عند انتشار صناعة البطاطس المقلية والمقرمشة وشيوع استهلاكها، وأصبحت في متناول يد الأطفال، إن أكثر من نصف الأطفال في الدول المتقدمة والغنية في العالم اعتادوا على تناول كيس من رقائق البطاطس المقلية كل يوم، وعندما أعلنت منظمة الأغذية العالمية في السويد في شهر ابريل عام 2002م بالاشتراك مع جامعة ستوكهولم أن الأكرلاميد الموجود في البطاطس المقلية عند درجات حرارة عالية مادة مسرطنة، كان ذلك بمثابة النذير وأحداث ضجة في مجال الأبحاث والأوساط الصحية، وعقد العديد من المؤتمرات التي أوضحت أن للأكرلاميد تأثيرًا سلبيًّا وسُميًّا إلاَّ أن الاختلاف كان يقوم على: هل هو مسرطن، أم أن نتائجه الايضية هي التي تتسبب في السرطان؟ تقدمت بمشروع بحث في صميم الموضوع إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لطبيعة التخصص، وتمت الموافقة عليه ودعمه ماليًّا ومعنويًّا، فأخذت عينات من الأغذية النشوية والبطاطس المقلية الموجودة في الأسواق في المملكة، وتمت دراسة مادة الأكرلاميد، وتوصل فريق البحث برئاستي إلى نتائج مذهلة، وألخص في هذه المقالة أهم ما جاء من نتائج؛ لكي يستفيد المجتمع والناس، ومن أراد التوسع فيمكن أن يتابع ذلك من خلال كتيب في الموضوع بعنوان: «الأكرلاميد في البطاطس المقلية وتأثيراته السمية» هو الآن من أحد إصدارات مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. سجلت النتائج على حيوانات التجارب ارتفاعًا عاليًا وكبيرًا للسمنة، نتيجة التغذية بالبطاطس المقلية، وهذا مؤشر لسبب الزيادة المطّردة للسمنة في المملكة، حيث يرجع ذلك إلى تناول الوجبات السريعة، والمواد النشوية، وأشارت كثير من الأبحاث إلى وجود علاقة بين الأغذية والأطعمة المقلية في الزيوت وبين انتشار السمنة، وممّا أشارت إليه النتائج من آثار هو السمية العصبية، حيث كانت أعراض التسمم العصبي الناتج عن تناول رقائق البطاطس المقلية الغنية بالأكرلاميد واضحة وتتمثل في ضعف الأرجل الخلفية وانحسار المد العصبي لها، وتمتد سمية الأكرلاميد إلى الأجنة في أرحامها وبعد ولادتها إمّا من خلال تغذية الأمهات فترة طويلة، حيث تسبب ذلك في ضمورها، ونقص حجمها، أو تغذية الأجنة بعد ولادتها ممّا تسبب عنه بعض التشوّهات في الجهاز العصبي، ومن أكثر الأمور خطورة أن التعرض لمادة الأكرلاميد لفترات طويلة يؤدّي إلى ظهور الأورام والسرطان (لم تؤكد الدراسة نوع السرطان إن كان حميدًا أو خبيثًا)، وتؤكد دراستنا أن السمية الجينية (على الجينات) إنما هي بسبب إحدى نتائج الإيض وهي (الجلا سيد أميد) ولا يسبب الأكرلاميد نفسه أي سمية جينية. لقد أرشد البحث في نهايته إلى ثماني توصيات، من أهمها ضرورة الإقلال من البطاطس المحمرة المقلية منها والمقرمشة، وأن على المصانع بالذات المحلية بأن يكون القلي ما أمكن عند درجات حرارة منخفضة، والأفضل تناول البطاطس المسلوقة، أو المحماة في أفران غير زيتية ممّا يجنب تكوين الأكرلاميد.