قلتها مرارًا وتكرارًا وأعيدها، كان الله في عون من يتولى حقيبة وزارة الصحة لما سيواجهه من ضغوطات كبيرة، ومتطلبات مستمرة ومتزايدة، هذا أمر طبيعي وأنت تتعامل مع وزارة متخصصة في الصحة والسلامة التي هي جل ما يهم الإنسان لتحقيق أهدافه، ناهيك عن أن هذه الوزارة ومثلها تحمل من الثقل الإداري المختص بحجم وعدد كبير من الموظفين غير المختصين في المجال الصحي نفسه، وكذلك عدم توفر الأسرة الكافية والكوادر الطبية والأجهزة الحديثة والبنى التحتية اللازمة والخدمات المساندة والمساعدة ضمن كوادر إدارية متنوعة. لا يمكننا انكار ما مرت به الوزارة مؤخرًا من انتقادات تعلقت بطبيعة خدماتها وأسس مدخلاتها الإدارية والمهنية، لعل بعض هذه الانتقادات كان في محلها والبعض الآخر كان مبالغًا فيه والأهم في الأمرين صوابًا أو خطأ أن هنالك جهلًا عامًا في طبيعة عمل الوزارة والقدرات المتوفرة لديها وسباقها مع عاملي الزمن والجغرافيا في اطار الاحتياجات المتزايدة ليس فقط على كمية خدماتها وإنما على نوعيتها أيضًا، كنت قد تحدثت سابقًا عن خلل كبير في التعامل الإعلامي من وزارة الصحة، وأنها لا تقدم نفسها بالشكل اللازم لتوعية الناس والوصول إلى مستوى جيد من قناعاتهم، الناس متنوعة في الثقافات لكن ما يجمعها في نهاية الأمر هو أنها في لحظة معينة قد تنسى كل إنجاز وتحكم من خلال خطأ واحد. من تتبع السيرة الذاتية لمحمد بن علي آل هيازع وزير الصحة الجديد نجد أنه رجل علمي متميز خاصة وأنه يعتبر عالمًا كيميائيًا له مكانته وأبحاثه، ناهيكم عن كونه أيضًا رجلًا إداريًا من طراز رفيع وهذا يمكن توقعه من خلال المناصب التي تولاها، غير أن المهمة التي أمامه ليست مهمة إبداعية وحسب، بل هي أيضًا مهمة ترميمية إصلاحية شاملة، التركة التي يحملها آل هيازع الآن تركة ثقيلة يحكمها عديد من الأمور وتفرض عليها كثير من الظروف واقعًا مختلفًا، هنالك العديد من الملفات التي ننتظر من آل هيازع مباشرتها فورًا والبدء في تصحيح مسارها من كوادر وبنى تحتية وقرارات إدارية عديدة. في المرحلة الحالية لا يمكن تقديم أية مساعدة على المستوى الإعلامي لوزارة الصحة ووزيرها الجديد، إذ أن الخطوة الأولى يجب أن تأتي من قبلهم في مجال التعامل الإعلامي، لا يمكن أن تجعل كل أفراد المجتمع أطباء أو ممرضين أو مختصين حتى يقدروا ويفهموا آليات عمل الوزارة والمصاعب التي يواجهونها، لكنك بسهولة يمكنك اتباع خطوات علمية مدروسة في الجانب الإعلامي لتصل إلى كافة المستويات الفكرية والثقافية للمجتمع ككل، بل وحتى إلى كوادر الوزارة نفسها وبكل تصنيفاتهم، الدور الإعلامي مهم جدًا إذ إنه في حال ترتيبه فإن المساحة التي ستتوفر لمعالي الوزير وكادره للعمل على مشروعات وبرامج أخرى ستكون أكبر، نعم مطلوب من وزارة الصحة أن ترد على انتقاد كل مواطن لم يجد علاجًا أو سريرًا أو طبيبًا أو تعرض لخطأ طبي ضمن المقبول عالميًا، لكن هل سيكون الرد على هذا كله على حساب أعمال أخرى للوزارة، وهل سيستمر مسلسل انغماس وزارة الصحة في الرد والإجابة دون أية غاية أو أهداف مبرمجة زمنية ودون مهنية واحترافية في التعامل مع الجسد الإعلامي، هذا ما سنتبينه في مقبل الأيام إن شاء الله.