مواجهة انخفاض أسعار النفط تتطلب العديد من الأمور لضبط الترشيد والإنفاق، وسط توقعات بتراجع الصرف على المشروعات في الميزانية القادمة وخاصة غير العاجلة، إلا أن الصرف على الخدمات الأساسية لن يتأثر كما أشار إلى ذلك وزير المالية وجل الاقتصاديين، وفي مقدمة ذلك، الإنفاق على التعليم والصحة، والنقل والمواصلات.. وغير ذلك من الخدمات الأساسية الأخرى، وأن مخصصات الصرف على المشروعات الحكومية التي تم الالتزام بتنفيذها والمودعة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بلغت نحو 488.5 مليار في العام المنصرم 2014م، وقد تتراجع عمليات الصرف على مخصصات الدعم للماء والكهرباء حيث يجري العمل حاليا على تعديل تعرفة الماء إلى 6 ريالات للمتر المكعب خلال العام القادم لغير الأغراض المنزلية، كما يتم الآن دراسة تعديل تعرفة الكهرباء بزيادتها على القطاعات الصناعية والتجارية وإبقائها كما هي للقطاع المنزلي، كما يتوقع أن يكون أثر انخفاض أسعار العائدات البترولية للمملكة واضحا على عدد من مخصصات المشروعات التطويرية، في الوقت الذي يتم العمل فيه على استحداث مشروعات جديدة للمدن الاقتصادية، والمدن الصناعية، وعلى استحداث جامعات جديدة، ومثل تلك المشروعات هي بحاجة إلى مخصصات مالية باهظة؛ لذا من المفترض تأجيلها لسنوات قادمة، وبالتالي لن يتم التقيد التام بالمشروعات المدرجة في خطة التنمية العاشرة، بل من المتوقع أن يتم تأجيل بعض المشروعات المتعلقة بتوسيع شبكة القطارات والمترو بين المدن، ويتوقع كذلك أن تكون الميزانية القادمة في حدود 800 مليار ريال، حيث تشير التوقعات إلى أن الميزانية القادمة ستبنى على سعر 60 دولارا للبرميل وليس على 70 دولارا كما هو في ميزانية العام الماضي، وسيتم تغطية العجز المتوقع في الموازنة من الاحتياطي العام البالغ 3 تريليونات ريال، وفي حال استمرار انخفاض سعر البرميل عن 50 دولارا، يرى أحد الاقتصاديين أنه من الملائم أن تكون ميزانية الدولة صفرية العجز، أي صرف ما يتحقق لخزينة الدولة، وتوقع اقتصادي آخر أن يتم التفكير في اللجوء إلى فرض ضريبة القيمة المضاعفة التي أوصى بها صندوق النقد منذ عدة سنوات، حيث إن المملكة تتمتع حاليا بأقل مستوى من الضرائب على مستوى العالم، وهي مقتصرة على فريضة الزكاة وضريبة الدخل على الشركات وخاصة الأجنبية (أستاذ الاقتصاد ومستشار الجودة د. خليل العليان جريدة المدينة عدد 18858). تأثرت المملكة بالانخفاض المستمر لأسعار النفط مما سيؤثر على مصروفاتها سيما وأن 60% من مشروعات البنى التحتية متعثرة، وستظل هناك معاناة إذا ظلت أعداد الباحثين عن عمل تقارب المليون والنصف مواطن، وإذا استمر تعثر المشروعات دون حل جذري لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وإنشاء هيئة للمقاولين تكون مظلة لهم تُلبِّي احتياجاتهم ومتطلباتهم وبنكا يدعمهم، والاسترشاد بعقد (فيدك) للإنشاءات، وإعادة تصنيف وتأهيل المقاولين كما هو متبع لدى أرامكو، وما تتطلبه عملية الإنشاءات. وصلت المشروعات المتعثرة 60% من حجم المشروعات المقامة، ووصلت قيمة تلك المشروعات المتعثرة التريليون ريال، علماً بأنها تُكبِّد خزينة الدولة خسائر تصل إلى 25% من قيمة المشروعات، أضف إلى ذلك عامل الزمن؛ فالمشروع المتعثر يحتاج وقتا ليس بالقصير لحله، بحيث يستغرق من ستة شهور إلى سنتين أو ربما أكثر، وذلك حسب حجم كل مشروع، وثمة مشروعات متعثرة تجاوزت ال15عاما، والمواطن العادي هو المتضرر من تعثر هذه المشروعات، وستتفاقم البطالة من عدم توفر وظائف سيما أن عدد الخريجين المؤهلين في تزايد مستمر. وتعثر المشروعات ساهم كذلك في تعثر وزارة الإسكان في توفير السكن الملائم للمواطن، والدخل الشهري للموظف لم يعد كافيا لسد احتياجاته الأساسية ومتطلباته الضرورية، الأمر الذي يدفعه نحو القروض الاستهلاكية لسد تلك الاحتياجات، ثم ما يكون من عجزه عن الوفاء بالسداد بها، ناهيك عن الارتفاع الجنوني للعقارات والإيجارات، والتضخم المتفاقم في المواد الاستهلاكية والأساسية والضرورية. لذا.. يجب على الجهات المعنية -كُلٌّ فيما يخصّه- السعي الحثيث لإراحة المواطن وسد احتياجاته، والتخفيف عنه، وذلك بتوفير العمل المناسب، والسكن الملائم، وضبط أسعار السلع والمواد الاستهلاكية. والله من وراء القصد. [email protected]