سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إلى معالي الوزير وفقه الله نريد من معالي الوزراء أن يسمعوا من الناس، ولا يكتفوا فقط بالدراسات والتقارير، حيث إن الزيارات الميدانية والوقوف على الواقع بدون حجابٍ أو ضباب؛ مؤثر جداً في اتخاذ القرار السليم والمناسب وتجلية الحقيقة!
كتبَ أميرُ المؤمنين عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله تعالي- خطاباً لأحد أمراء أقاليمه -الذي يبدو أنه كان بيروقراطياً على نحوٍ أزعج الخليفة فقال له فيه: (إنه يُخيّلُ إليّ أني لو كتبتُ إليك أن تُعطي رجلاً شاةً، لكتبتَ إليّ: أضأنٌ أم ماعز؟ فإن كتبتُ إليك بأحدهما، كتبتَ إليّ أذكرٌ أم أنثى؟! فإذا آتاك كتاب هذا في مظلمةٍ، فاعمل به ولا تراجعني، والسلام!) كتاب الوزراء والكتّاب لأبي عبدالله الجهشاري ص55. فلتُ: لقد لخص الخليفة عمر -رحمه الله- هنا أحوال وأساليب بعض المسؤولين في تلقي التوجيهات وقراءة التنظيمات والتعليمات وأسلوب إدارة الأمور ما بين مُتفهّمٍ فاهمٍ واثقٍ مُغلِّبٍ للمصلحة العامة ومصلحة المواطن، يُفسِّرُ التعليمات العامة بحسب ما يتوخّاه ولاة الأمر دائماً وينادي به الملك -حفظه الله- في غالب اجتماعاته بالوزراء. وهناك من المسؤولين من هو مُتعنِّت مُتعسِّف غير واثقٍ، ولا يُعطي نفسَه مساحةً للاجتهاد، يقف عند الأحرف والألفاظ، ظاهري المذهب، تقليدي المشرب! فترى هذا ينسحب على أسلوب إدارته وعلى من معه من جهاز إداري، والمواطن صاحب الحاجة معهم في معاناة وعنت! ماذا يريد المواطن من معالي الوزراء الجُدد؟! بدايةً: إن هذا الاختيار من قِبل ولاة الأمر -وفقهم الله- هو تشريفٌ وثقةٌ وتكليف، وهو في حقيقته (أمانة)، سيُحاسب عليها المسؤول يوم القيامة! فكل راعٍ مسؤول، وبقدر المسؤولية يكون الحساب! نريد من معالي الوزراء الجُدُد أن يعملوا على هذه (الحقيقة)، ويستحضرونها دائماً، وأن يحرصوا أن يكون لهم أثرٌ محمود وتاريخٌ وإنجازٌ مشهود، فهم -إن طال الزمنُ أم قصر- سيمضون مُخلفين هذا الكرسي لغيرهم! نريد من معالي الوزير أن يتبسّط وألا تغلب عليه البروتوكولات والشكليات! فسيّد الخلق وأكرمُ البشر؛ كان الغريبُ يدخلُ مسجدَه والنبيُ صلى اللهُ عليه وسلم بين أصحابه، والغريب يقول: أيّكم محمد؟! لم يعرفه لأول وهلة لأنه لم يتميز عنهم بمكانٍ ولا لباس ولا طقوس!! معالي الوزير: وفقك الله، أنت موظفٌ كبير نعم، ولكنك في النهاية (مواطن كُلف بمهمة)، من أجل هذه المُهمة أتيتَ، وبسببها تأخذ مكانتك وراتبك، فلا نريد منك إلا أن تجتهد في أداء مهمتك الوحيدة العظيمة وهي (خدمة المواطن).. لذلك، لابد أن يكون للمواطن الحظ الأكبر من تخطيطك وإستراتيجيتك ووقتك وساعات عملك! بعض المسؤولين يحتجب عن الناس فينصرفُ الناسُ عنه، وهم يحملون همومهم واحتياجاتهم.. ومنهم من ألزمَ نفسه بطقوس معينة حتى تصبح مقابلته حُلماً بعيد المنال للمواطن. نريد من معالي الوزراء أن يسمعوا من الناس، ولا يكتفوا فقط بالدراسات والتقارير، حيث إن الزيارات الميدانية والوقوف على الواقع بدون حجابٍ أو ضباب؛ مؤثر جداً في اتخاذ القرار السليم والمناسب وتجلية الحقيقة! نريد من معالي الوزير أن تكون لديه الثقة والقوة حتى يكون مهيأً في أي لحظةٍ أن يترجّلَ عن كرسيه متى ما علم أنه غير قادر، أو أنه قد استنفد كلَّ فكره وطاقاته، ولم يعد في الإمكان أكثر مما كان! هذه الشجاعة أيضاً تُمكّنه -ومن معه- من الاعتراف بالخطأ –إذا حدث- وتحمّل المسؤولية كاملة عنه! وهذا أمر طبيعي، بل هو الأصل في حياة كلِّ إنسان، فلا معصوم ولا مُنزّه إلا مَن عصمه الله! نريد من معالي الوزير الجديد التجديد والتطوير ونفض الغبار ومراعاة الواقع والمرحلة، والاستعانة بالشباب ما أمكن ذلك، فهم الحاضر والمستقبل! وفق الله معالي الوزراء الجُدد والقدامى وكل مسؤول لما يرضي الله أولاً، ثم ولي الأمر؛ الذي يحرص دائماً على راحة المواطن ومصلحة الوطن. [email protected]