بالعودة إلى جذور البشرية آدم وحواء نجد أن الله خلق حواء من آدم ثم جعل ارتباطه فيما خلقه منه ارتباطًا روحيًّا وقلبيًّا، وعبر عن ذلك بأنها سكنه قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، وعادة من يكون هو السكن والمأوى يكون هو الأكثر حنانًا وعطفًا وحبًّا، فالصغار عندما تأوي إلى أمهاتها إنما لأن الأم هي منبع العطف والحب والحنان، وعليه فإن الأم لكل واحد منا كانت الدفء والعطف والحب، ومادام أن الرجل الزوج هو الذي يأوي إلى المرأة، ويسكن إليها، فهي أمّه من حيث الحب والعطف والحنان، هي مصدر سعادته، هي مأكله ومشربه، وهي مداد نشاط هرموناته، ومعززة فعالية إمكانياته، وهي الحب الفعلي المنتج في الحياة، وهناك حب من طرف الرجل الزوج للمرأة، لكنه ليس حبًّا مساويًا لحب المرأة لا من حيث الكمية، ولا من حيث النوعية، فحب الرجال حب شهوة وأطماع جنسية، بعكس المرأة التي تحب زوجها، فإن حبها حب قلبي «خالص»، فهي كفطرة لا تفكر في التلاقي الهرموني إلاّ مع زوجها، بعكس الرجل الذي أباح الله التعدد له؛ لأن داخله «جنس» يرغب في تحقيقه، وقد تتحقق عنه أمور أخرى اجتماعية مثلاً، فبين مصداقية حب المرأة، ومصداقية حب الرجل مسافة كبيرة للتلاقي، صحيح أن الرجل الزوج يحب زوجته، لكنه حب أنانية، وحب شهوة، وحب اضطراري، بينما حب المرأة الزوجة حب قلب، وقد يكون هناك مَن يحب زوجته حب قلبي، لكنه نادر وقليل، وعليه فإنه ليس من شيم النساء الخيانة وغدر الزوج في عفتها، وسمّاهن الله «المحصنات»، فمن يقرب منهنّ بأي تهمة فالعقاب له شرعًا وعرفًا. مع أن أمر الفاحشة عظيم إلاّ أنه لم يترك سلاحًا في يد الرجل للطعن في زوجته يشهره متى يشاء في وجهها، بل ذلك يلزم شهودًا (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم)، حيث الحكم الشرعي فيمن يريد أن يثبت حالة الفاحشة (الزنا) على ضرورة توفر أربعة شهود خاصة في حق المرأة الزوجة التي تتهم بخيانة زوجها، وليس ذلك إلاّ من باب توضيح أنه لا يمكن حدوثه، ومن ذا يستطيع أن يثبت على امرأة متزوجة أنها تزني بأربعة شهود؟ بشهادة واضحة «متطابقة الوصف»! وهذا ما لم يثبت ولو مرة واحدة على مدار التاريخ كلّه وإقامة حد الرجم كبقية الحدود يدرأ (يستبعد) بالشبهة، وكان عليه الصلاة والسلام يبعده بأي شبهة، ولا يأخذ ممّن أقر بذلك من ظاهره وبدايته ما عدا حالات محددة (حالتين فقط) ردّهما عليه الصلاة والسلام كثيرًا، لكنهما أرادا أن يتطهرا في الدنيا قبل الآخرة، وليس من السنّة إعلان الإثم، وطلب إقامة الحد بالذنب، كما يريد أن يفهمه بعض الجهلة، وما فعله بعض السفهاء في هذا الزمن الداعشي من إقامة حد الرجم على بعض المتزوّجات في سوريا، حيث ذلك جريمة يستحقون عليها المحاكمة الشرعية، ويدل على أنهم -أي الذين يقيمون حد الرجم- مجرمون يستهدفون تشويه الإسلام، وقد ثبت أنهم عملاء لبشار الأسد، هدفهم التشويه؛ لأن المرأة في الإسلام أكبر من أن تُرجم، أو أن تُلاحق في حياتها بحدٍّ كهذا؛ لأنه من المستحيل الإدانة به بأربعة شهود، وقد سدّ الله باب تطبيق الحد بتوسيع باب التوبة، وقبول من زلّ وغلط، فديننا يقوم على الوقاية قبل العلاج، والمثوبة قبل العقوبة.