عندما يَكون للدين.. دينٌ آخر! ألا وهيَ (ديانة المجتمع)! عندمَا يُصبح العيب في مرتبة الحرام! عندما يُغفَر الحرام، ولا يُغفَر العيب! عندما نهاب العَيب ونعتاد الحرَام! عندما نُمارس طقوس المجتمع كدين!! فكيف للمرء أن يكون له أكثر من دين؟! لماذا تنسون أن الدين كامل، عادل، شامل.. وإنَّ أصل العادات ومرجعها: هو الدين.. فبأيّ حق تفصلون العادات عن جذروها؟! ومن ثُمّ تجعلونه باطلاً، ظالمًا، مُبْتَذلاً! إن فعل الحرام هو العيب! وليس فعل العيب محرمًا.. إنه لَشَيء غريبٌ جدًا.. أنّ مجتمعنا هو مَن يُشكِّل العادات! من ثم تقوم العادات هي بتشكيلنا! أنحنُ مسلمون، أم مجتمعيون؟ فحقًا هناك فرق شاسع!! َعند تطبيق (الدين) وحْده: «يرتقي» المجتمع، مع «اعتزاز» الدين! وعند تحقيق (العادات) وحْدها: «يهوي» المجتمع، مع «تزعزع» الدين! قال تعالى: (أَنّى لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض). إن عملية تصنيف الأخطاء بين الرجل والمرأة.. هي عملية فاشلة، بل هي وباء يقتل كل معاني العدالة والإنسانية! ديننا الإسلامي لم يَذكُر أنه قد يبيح للرجل ارتكاب المعاصي كونُه رجُلًا، واقتصر تحريمها على المرأة وحدها! بل قال تبارك وتعالى: (بَعْضُكُم مِّن بَعْض) أي: جميعكم في ثوابي وجزائي سواء، ويُوفِّي سبحانه كل عامل بقسط عمله، من ذكر أو أنثى.. فمِن أين جئتم أنتم بهذه التصنيفات؟! لماذا لا تَحْكمُون عليهم بِكونهم (إنسانًا)! هما الاثنان من رُوح، ويملكان (عقلاً، وقلبًا)، عقل قد ينحَرِف، وقلب قد ينجَرِف. وحتّى حينما توعّد (الشيطان).. فإنه توعّد أن يَغوِي (الإنسان)! قال تعالى: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين) إنه لم يَحْتكِر إغوائاته على أحد الجِنْسَين!! هما الاثنان لهما نفس فُرَص الوقوع في الخطأ نفسه!! وإن لَم يكُن كذلك، لمَا كان الله يُحاسبهما نفس الحِساب! وساوى بينهما بالعقاب! * إنّ الجزاء من جِنس (العمَل).. وليس من جِنس (الجِنْس)!! تأمّلوها.. شتّان الفرق بينهما.. الدين يُحاسب ويسأل ب(ما؟)، وليس (مَن؟)، ومن أكثَر الأقوال التي تدل عَلى الجهل، والتفكير السطحِي والرَّجعي.. (الرجل لا يعيبه شيء!)، والرجل أخَذ هذه العبارة على أنها «بطاقة أمان» ليتصرَّف مثلما تُريد أهواؤه! أليس هذا ظُلمًا للرجل أيضًا؟ بل ربّما وَقْع الظُلم على الرَجُل أشَّد وهو لا يدري! يظلم نفسه ويُزَيَّن له سوء عمله! ويمشي في طريق الضلال وهو مطمئن! بسبب هذه العبارة العارية عن الصحة والمنطقية! ولأن المجتمع لن يحاسبه أو يلومه! لكن الرجل حقيقةً (يعيبه حرامُه)!! كما أن المرأة يعيبها الحرام.. الحرام ولا شيء سواه! لا يُمكِن للخطأ أن ينقسم ويُوزَّع بطريقة مجتمعيّة غير سويّة! الخطأ خطأ سواء على الرجل أو المرأة! * المرأة تُناشد بمساواتها بالرجل، لكن في الواقع، ولو جئنا للمنظور الصحيح، فيجب أن يُطالَب الرجل بمساواته بالمرأة؛ لكي تتحقق المساواة! رزان شعراوي - جدة