تقوم وزارة التجارة والصناعة السعودية بجهود مشكورة وباهتمام شخصي من معالي الوزير د. توفيق الربيعة يلمسه كثير من المواطنين في وضع لوائح وتنظيمات تحمي المستهلك، كما تقوم الوزارة من خلال العديد من الآليات على تفعيل الأنظمة كتحديد أرقام هواتف تتفاعل مع تظلم المواطن بالسرعة المطلوبة مع الشكاوى ضد المخالفين للأنظمة والقوانين من المحلات التجارية والوكلاء التجاريين والبقالات الكبرى... الخ سواء كانت الشكوى من المحتوى أو سعر البيع إذا تجاوز السعر المقنن. وكل ذلك في تقديري خطوات نوعية نحو الأفضل بمشيئة الله. كما تحرص الوزارة على إلزام موردي المنتجات الغذائية بوضع وصف كامل للمنتجات الغذائية فيما يتعلق بمواصفاتها والسعرات الحرارية التي تحتويها. ومع كل هذه الجهود المشكورة أتصور أن للغذاء المهندس أو المعدل وراثياً إلى جانب أطعمة الوجبات السريعة دوراً هاماً في انتشار الأمراض المزمنة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بداية من السرطانات والضغط والسكر والأمراض العصبية الدماغية كمرض الزهايمر. وللمواد الغذائية المهندسة (المعدلة) وراثياً أخطار جمة قد تكون غائبة عن أذهان الكثير من الناس صحياً واقتصاديا بل واستراتيجيا كما سيأتي. يتم إنتاج المواد الغذائية المهندسة وراثياً عن طريق تعديل مكوناتها الجينية (الوراثية)، وذلك بطريقة القص واللصق بين نوعين متباينين من النبات أو حتى من الحيوان وأحد أمثلته سمك السالمون المربي الذي يفوق نفس النوع البحري بضعف الحجم وأضعاف الوزن. ومن المعلوم لدى المتخصصين أن هذه التقنية ليست دقيقة بل هي أقرب ما تكون من طريقة خبط عشواء وحاطب ليل، إذ يركب الجين (المورث) المراد إضافته على المنتج الغذائي في بندقية خاصة ويقذف إلى الحمض النووي الأصلي دون قدرة على التحكم المحكم وقد يصيبه ويلتحم به في الموقع المرغوب من الحمض النووي (DNA) وقد يلتحم به في مواقع أخرى فيخرج للدنيا منتج ضررة أكبر من نفعه. وقد أثبتت الدراسات المحايدة أن غالبية هذه المواد الغذائية المهندسة وراثياً أقل تغذية للجسم على عكس ما يُروّج لها، وأنها قد تتسبب في حدوث طفرات جينية حتى للإنسان، الأمر الذي يؤدي إلى أمراض خطيرة منها ما قد يعرفه الإنسان ومنها ما قد لا يعرفه. وأنها تتسبب في أنواع جديدة من الحساسية المفرطة، وأنها تتسبب في السرطانات والأورام الأخرى كما في تصريح عالمة الأحياء "إيريانا إيمركوفا" نائبة رئيس الجمعية الوطنية للسلامة البيولوجية الروسية، في معرض شرحها لمنع دخول المنتجات الغذائية إلى روسيا لمدة العشر سنوات القادمة لإجراء المزيد من دراسات السمية عليها. مضيفة: (لقد ثبت ليس في روسيا لوحدها بل في العديد من دول العالم أن طرق إنتاجها ليست كاملة الدقة، لذلك فإن استهلاكها كطعام يُشكِّل خطورة قد تؤدي لنمو الأورام والسرطانات والسمنة المفرطة في الحيوانات، وبالطبع لابد من تطوير تقنيات علوم الأحياء، وفي نفس الوقت إيقاف الأغذية المهندسة وراثياً). معظم شركات المواد الغذائية المهندسة وراثياً غربية متعددة الجنسيات أو أمريكية بحتة منها شركة "مونسانتو" وشركات "داو" و"باير" و"سينجينتا" بعضها لها أجندات في الهيمنة على الإنتاج الغذائي العالمي بالقوة فمثلاً وعلى مدى التاريخ البشري يقوم المزارعون باختيار البذور للعام أو الأعوام المقبلة من نفس المحصول، بينما تنتج بعض هذه الشركات بذوراً مهندسة وراثياً حصلت على "براءات اختراع" لها لا تنتج محصولاً إلا لمرة واحدة، ويجب شراء البذور منها وبأثمان باهظة بشكل سنوي مما يقتل قدرة المزارعين التنافسية في الدول الفقيرة. وفي البعد الإستراتيجي ستستطيع تلك الشركات التلاعب بالأمن الغذائي القومي لكثير من دول العالم خصوصاً منها الضعيفة عسكرياً وسياسياً. لو عدنا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء وبالتحديد أبان الغزو الأمريكي للعراق 2003م فإن من بين أهم البنود التي فرضها الحاكم العسكري الأمريكي "بول بريمر" على العراقيين ضمن ما عرف بقانون بريمر رم 81 كان التوقف عن إنتاج الحبوب بالعراق من البذور التقليدية، وتبني البذور المهندسة وراثياً، أليس في ذلك دليل لكل ذي بصيرة أنها حرب استئصال وتدمير لتنوع النباتات وتدمير للبيئة. ولا بد وأن لوزارة التجارة والصناعة السعودية باعا طويلا في معرفة مضار المنتجات الغذائية المهندسة وراثياً على الإنسان والحيوان والبيئة فلا مزايدة عليها. وليت أنها تتفضل بالقيام بحملة توعية كبرى للتجار والمواطنين تلزم فيها التجار عند أدنى حد بكتابة محتوى أي منتج غذائي مهندس وراثياً يدخل لأسواق المملكة، وبالنسبة للمستهلك تعرفه بالأضرار الصحية المحتملة لها ليقدم على شرائها أو عدم شرائها على بينة. كم سيرفع ذلك من نوعية حياة المواطنين وكم سيوفر من آلام الأمراض والميزانيات الصحية وفي تحسن الصحة العامة وتوفير في الاقتصاد الوطني.