"توعّدت وزارة الصحة الأطباء المتجاوزين في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حساباتهم الموثقة، بالجزاء والخصم في حالة تجاوزهم للتعليمات"، جاءت هذه الجملة في صدر خبر نشرته صحيفة عكاظ (الأربعاء 12 نوفمبر 2014) منسوبة إلى "وكيل وزارة الصحة للخدمات العلاجية" الذي أضاف: "الوزارة لا تمانع من أن يُنشئ الأطباء حسابات خاصة بهم في مواقع التواصل الاجتماعي بشرط ألا يخلّ ذلك بعملهم الأساسي كأطباء وألا يخلّ بتعليمات الوزارة". وهنا لي بعض الملحوظات على الخبر الذي لا بد أنه تسبب في استفزاز مشاعر كثير من الأطباء، ففيه ضبابية ومصطلحات أراها غير لائقة وفي غير محلها، مثل كلمتي "تتوعد" و"لا تمانع"!!. ولا أعلم حقيقة عن وجود مواد نظامية مكتوبة ومعروفة لدى منسوبي الصحة عن نوعية وقيمة "الجزاءات" و"الخصومات" المنصوص عليها في هذه الحالة، ولست مطّلعًا على ماهية "التعليمات" المقصودة في الخبر، وهل تم نشرها والتعريف بها بين فئة الأطباء؟!. وإضافة لذلك، لا أرى أن لأحد من المسؤولين في أية قطاعات حكومية أو خاصة أن "يمانع أو لا يمانع" من أن يُنشئ منسوبوها "حسابات خاصة" بهم في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنشاء حساب "شخصي خاص" -كما يشير الإسم- هو أمر "شخصي" و"خاص"، إلا إن كان ينوي أحد المسؤولين إصدار قرار إداري بضوابط وجزاءات، يُلزم منسوبي إدارته بتقديم طلب للموافقة على فتح "حساب شخصي" في موقع للتواصل الاجتماعي، حتى يتسنى للمسؤول ممارسة سلطته والإشارة على الطلب بكلمة: "لا مانع"!!. كما أن للشخص حرية الكتابة في أية موضوعات يختارها، ضمن ضوابط أخلاقية وذوقية ونظامية متعارف عليها، طالما أن صاحب الحساب لم يتناول أسرار عمله، ولم يتحدث باسم مؤسسته أو إدارته. وجاء أيضا ضمن تصريح الوكيل: "إن الأطباء مُلزمون بالرد على الاستفسارات التي تأتيهم وإلا سيفقدون المصداقية"!! ولا أرى أن أحدًا من مستخدمي قنوات التواصل الاجتماعي بصفته الشخصية "مُلزم" من أي جهة على الرد على أي استفسار، كما أن "مصداقية" الطبيب أمر أكبر من أن يتحدد برده من عدمه، لكن من المنطقي أن نشجع الأطباء على التواصل الاجتماعي حسب أوقات فراغهم خاصة "الذين يمتلكون تخصصات نادرة" كما جاء في التصريح. أرجو أن يتنبه بعض المسؤولين والقنوات الإعلامية إلى أهمية صياغة بعض الأخبار والتصاريح بشكل أفضل مهنيًا وذوقيًا، والحرص على انتقاء المصطلحات المنضبطة خاصة فيما يتعلق بالممارسين الصحيين، فيكفيهم ما لديهم من هموم ومشكلات عالقة، ونصيبهم الأكبر من الإساءات الإدارية والمهنية، كما أرجو أن يلتفت بعض مسؤولي القطاعات الصحية أكثر إلى حقوق الممارسين الصحيين المعطلة، ويعملوا -كما هو مأمول- على تطوير خدمات المرضى، عوضًا عن الانشغال بأمور الأطباء "الشخصية والخاصة". [email protected]