الشعر من مفهوم كونه كائنًا له وجوده وله سيمائية ينسحب عليه ما ينسحب على البشر من تميزه ببعض الصفات الإنسانية وميزة الذكاء والغباء في جدليتها وتضادهما الوجودي المستمر تنطبقان بشكل أو بآخر على الشعر وربما عكست هاتان الميزتان بشكل أو بآخر صفات الشاعر العقلية فالشاعر الذكي والعبقري يأتي شعره في الجملة ذكيًا، والشاعر الغبي تظهر آثار الغباء في شعره بشكل أو بآخر. ومن الشعر الذكي في الشعر العربي شعر الشاعر العباسي "أبي نواس" بلمحاته وإيماءاته البعيدة وخفة ظله وظرفه يشاركه وفي الدرجة أقل الشاعر العباسي "سلم الخاسر" الشاعر الأنيق الظريف الذي عكس شعره ذكاءه وظرفه والمشوار طويل في الإشارة الى الشعر الذكي عند الشعراء، لكن حالة فريدة تبرز هنا بذكائها المميز والتي تتمثل في شعر شاعر العربية الأكبر: "المتنبي".. هذا الشعر الذى جلى في ذكاء متقد ظاهر الكثير من الظواهر الإنسانية، والحالات الحياتية بحيث صارت أبيات شعر هذا الشاعر العبقري العظيم قوانين علم النفس وإشارات إلى ما تتميز به النفس الإنسانيه بعامه من سلوكيات ونواميس بشرية. أما الشعر الغبي فالحديث عنه لا يحتاج إلى أمثلة فهو مشهور في العديد من الشعر الذي يدور بشكل عام من أطر المحاكاة العمياء ويعيد لنا أنماطًا شعرية في شكل فج وغبي ومن حالات الشعر الغبي تلك النماذج التي انطلقت من الاستعراض اللغوي الغبي كأن يقول شاعر: وكأننا والماء من حولنا رجال جلوس حولهم الماء أو أن يقول الآخر الأكثر غباء الأرض أرض والسماء سماء والماء ماء والهواء هواء.