سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فلما بلغ الستين... هل يريد هؤلاء أن نرمي من بلغ الستين من العمر ونتركه يصارع الوحشة.. ماذا أصابنا.. ما هذا التعامل الذي بدأ يأخذ شكلاً من أشكال الفئوية.. اتركوا كبار السن يعيشون على ذكرياتهم فهم يستحقون الاحترام
للحقيقة أقول: إن كثيرًا من المواقف تجعلك تعيد كلماتك ومفرداتك مرة أخرى، وكنت قد كتبت في سياق حديثي قبل فترة مقالاً قلت فيه بأننا أخفقنا بكل معنى الكلمة في التعامل مع كبار السن، وقلت إن هؤلاء الذين يعاملون كبار السن بفظاظة ولا يحترمون تقدم سنهم، ضميرهم ميت، وحمل عنوان المقال: "العجوز والعجوزة.. عيب تبلد المشاعر".. واليوم يتجدد هذا الموقف عندما نرى عدم احترام كبار السن وعدم تقديرهم ومناداتهم ب "العجوز أو العجوزة".. أعتقد أن هؤلاء هوت ضمائرهم وفقدوا مبادئهم.. وهل يقرأون موقف الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ذلك الشيخ اليهودي الكبير.. عندما مر الفاروق بباب قوم وعليه سائل يسأل.. شيخ كبير ضرير البصر فقال: من أي أهل الكتب أنت – قال يهودي – قال فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال اسأل الجزية والحاجة.. قال فأخذ سيدنا عمر بيده فذهب به إلى منزله فأعطاه من المنزل شيئاً، ثم أرسل إلى خازن بيت المال وقال: انظر هذا والله ما أنصفناه، إذ أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، ولاسيما أن العالم يشهد اهتماما ملحوظاً بكبار السن والجميع يعرف أن هناك الفعاليات التي تتناول قضايا المسنين ورفعت منظمة الصحة العالمية عام 1983م شعارا: "فلنضف الحياة إلى سنين العمر" وقد تبنى مؤتمر الأممالمتحدة الذي انعقد في مدريد عام 2002 خطة عمل لمعالجة مشاكل المسنين، وكان صلى الله عليه وسلم في إشارة إلى أساس أخلاقي من أسس الشريعة السمحة يوصي أصحابه وقائدي الجيش.. انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله - لا تقتلوا شيخاً..؟ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكرم شاب شيخاً لسنّه إلا قيّض الله له من يكرمه عند سنه. والدين الإسلامي يقدر النماذج العملية البسيطة فيما يتعلق بجوانب الذوقيات الاجتماعية، وذكر الإسلام بل بدأ بأهم هذه المظاهر الأخلاقية وهو مظهر توقير الكبير واحترام المسن، وهنا الشارع يتداول كثيرا من المفردات والكلمات التي تهز المشاعر، وأذكر بعضها، كأن نقول: أنت وصلت من العمر الستين، لماذا لا تجلس في المنزل، وأنت كبير في السن، أو كما سمعت من ذلك الشاب عندما قال لكبير في العمر وبكل وقاحة: أنت رجل بلغت الستين لا بد أن تكون في منزلك، هل لديك القدرة على المشي؟. هل يريد هؤلاء أن نرمي من بلغ الستين من العمر ونتركه يصارع الوحشة.. ماذا أصابنا.. ما هذا التعامل الذي بدأ يأخذ شكلاً من أشكال الفئوية.. اتركوا كبار السن يعيشون على ذكرياتهم فهم يستحقون الاحترام، فالمجتمع الذي لا يهتم بكبار السن مجتمع يعيش جاهليته الأولى. أما الذين يعاملون كبار السن بهذا الأسلوب فهم يعانون من إعاقة أخلاقية نفسية تصيب كلا الجنسين وكافة الأعمار ولا يتوانى المصاب بها من الادعاء والتأويل ويتغاضى المصاب بها عن أخلاقيات التعامل الإنساني وهذه إعاقة جديرة بالتأهيل. * رسالة: الصراحة والمكاشفة جميلة، ولو كانت موجعة، لا لشيء، فقط لأنها تظهر الوجه المشرق لحضارية التعامل، وفن النقد، وشفافية الحوار الهادف. [email protected]