سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المرافق العامة وتحديد مسؤولية السلامة! هل لجان التحقيق في هذا الحادث محايدة أي من خارج الجهات المعنية لتحديد المسؤولية، وهل ستكون التعويضات مجزية أم أنه مجرد حادث مر ويُعاد تكراره لا سمح الله؟!
خلال الأسبوع الماضي تناقلت وسائل الإعلام "أن طفلاً في الخامسة من عمره ووالده لقيا مصرعهما، بعد سقوط الطفل في خزّان صرف صحي بجدة، ولحق به والده الذي حاول إنقاذه". الحادث الذي تسبب في وفاة الدكتور المهندس علي منشو وابنه اللذان ذهبا ضحية إهمال من عدة أطراف منها وزارة المياه والصرف الصحي، وأمانة محافظة جدة، والمالك - المستأجر للموقع الذي حصلت فيه الحادثة. ونتيجة لهذا الحادث فقد الوطن شابًا عاد من رحلة تأهيل عالٍ وهو في مقتبل العمر لم يستطع مقاومة الإقدام بشجاعة لإنقاذ ابنه الذي التهمته بالوعة صرف صحي في وسط مدينة جدة التي تعيش نهضة عمرانية هائلة في كل أحيائها وشوارعها، يصاحب ذلك إهمال وعدم مبالاة بأمور السلامة، ومراقبة جودة التنفيذ لمشروعات المرافق العامة والخاصة. ردود الفعل لحادث "المنهول" التي برزت في الصحافة المحلية ووسائل التواصل الأخرى تثبت أن المجتمع ينتظر حتى تحصل الحوادث -مثل كارثة سيولجدة في عام 2010 - 2011 التي لم تكتمل نتائج التحقيق فيها بعد- ويبدأ المجتمع في التساؤل عن الأسباب والمتسببين. إن المسؤولية تقع على عاتق عديد من الجهات منها في هذه الحالة وزارة المياه والكهرباء لأنها لم تفِ بوعدها الذي أُطلق على لسان معالي الوزير بإنهاء معاناة محافظة جدة وإيصال الصرف الصحي إلى كل محل ومنزل في النصف الأول من العام الحالي 2014م، ولو تم ذلك لكان الخزان المشؤوم غير موجود أصلا. ومسؤولية أمانة مدينة جدة لأنها -كما يبدو- لا يوجد لديها برنامج مراقبة وتفتيش دوري على المرافق وكل أحياء المدينة للبحث عن المخالفات وإلزام ملاك العقارات بتصحيح أوضاعها أو قطع المياه والتيار الكهربائي عنها حتى يتم تصحيح الخلل مع فرض غرامة مالية على كل من يخالف أنظمة السلامة. لقد قيل الكثير في مرات سابقة عن أهمية إدارة المدن وفق أنظمة وقوانين مواكبة للتطور العمراني الذي تشهده مدن المملكة ومن أهم تلك الأنظمة ضوابط السلامة، ولكن الأمانة كما يبدو منشغلة بأمور أخرى. هذا الحادث حصل في مدينة يُقدَّر عدد سكانها بأربعة ملايين نسمة، شد انتباه واهتمام الصحافة، فكم من الحوادث المماثلة التي لم يعلم عنها أحد، وراح ضحيتها أعداد أخرى من المواطنين؟! في دول العالم الأول يترتب على مثل هذا الحادث مساءلة قانونية وتعويضات مادية كبيرة لأن ذلك يعني إهمال واضح من أصحاب العقار أو المستأجر للموقع. وبهذه المناسبة لابد من طرح عدد من الأسئلة المطلوب الإجابة عليها: * هل هناك أنظمة شاملة للسلامة ملزمة لأصحاب العقارات والمستأجرين؟! * هل هناك تقنين للغرامات في حالة عدم الالتزام من الجهة المختصة؟! * هل لجان التحقيق في مثل هذا الحادث محايدة أي من خارج الجهات المعنية لتحديد المسؤولية؟! * هل ستكون التعويضات مجزية أم أنه مجرد حادث مر ويُعاد تكراره لا سمح الله؟! وقياسًا على ما حصل في الماضي لمستشفى كبير في مدينة جدة عندما قررت وزارة الصحة إغلاقه لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر بسبب تكرار الأخطاء الطبية. فلماذا لا تكون العقوبة في هذه الحالة إغلاق المركز التجاري أو قطع التيار الكهربائي لمدة تحددها لجنة التحقيق لكي يعتبر الجميع؟! وفي الختام أرفع أحر التعازي والمواساة لأهل الضحيتين، وأدعو لهم بالصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون. [email protected]