لم تجرِ الأحداث في غزة كما كانت تريد إسرائيل، فبالإضافة إلى عدم تحقيقها أهدافها من غزو غزة، كشفت الحرب إسرائيل أمام العالم جميعاً كما لم تكشفها من قبل كدولة عنصرية لا تقيم وزناً للحياة الإنسانية طالما هي لغير اليهود .. فالعرب، في قاموس الصهيونية، ليسوا سوى "حثالة" و"صراصير" واجب دعسهم والتخلص منهم ليتسنى إقامة دولتهم الموعودة على أكفانهم. وأمام الوقائع التي كشفتها حرب غزة الأخيرة انصاعت إسرائيل لدعوة وقف اطلاق النار والمفاوضات حول غزة تمهيداً لإعادة التفاوض حول القضية الفلسطينية برمتها مجدداً. *** وإذا كان الحديث عن حل للصراع مع إسرائيل يقوم على إقامة كيان وطني فلسطيني في الأراضي التي احتلت في العام 1967، أي الضفة الغربية لنهر الأردن، بما في ذلك القدسالشرقية، وقطاع غزة، بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي عنها، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أن ما تبقى من الأراضي الفلسطينية لا يمكن أن يقيم دولة حيث التهمت المستوطنات والمستوطنون جل أراضي الضفة ولم يتبق ما يصلح لإقامة دولة متماسكة الأطراف. وها نحن الآن، بعد زهاء الأربعين عاماً على طرح فكرة "الدولة الصغيرة" علناً، ولا يبدو في الأفق أي احتمال مرئي لترجمة الفكرة على الأرض، ولن تنتهي المفاوضات - هذا إذا استمرت مجدداً - إلا وقد أُكلت بقية الضفة ليصبح مشروع الدولتين المتجاورتين إسرائيل وفلسطين في خبر كان! *** الحل المتبقي أمام الفلسطينيين إذاً هو الصمود والمقاومة .. وهو ما اعتمدته غزة في رؤيتها للصراع مع العدو الصهيوني وقدمته على كل الخيارات الأخرى التي ثبت – حتي الآن – عقمها. فنية إسرائيل واضحة في عدم الانصياع لأي حل يفقدها الضفة، وتعمل من خلال حروبها المستمرة على غزة، بشتى المبررات، على إخلائها من سكانها بالقتل أو التهجير. أما المفاوضات فمجرد غطاء واستهداف للوقت أكدته تصريحات كثير من قادة إسرائيل بداية من بن غوريون وبيغن وحتى نتنياهو . ومنذ عام 1991، لم يحصل الفلسطينيون على أي جزء من حقوقهم الوطنية، فهي ليست إلا مخدراً للفلسطينيين حتى تتم العملية .. بسلام. *** وأخيراً .. يقول د. جلبرت ( Dr Mads Gilbert) ، استاذ ورئيس قسم الطوارئ في مستشفى الطوارئ في شمال النرويج : "لو رفعتم الحصار زالت الأنفاق ولو زال الاحتلال زالت الصواريخ". وهي مقولة عقلانية تستقي الحل من جذور المشكلة ذاتها. وهذا يقودني إلى عرض حل عبقري للقضية الفلسطينية، يقوم على نفس القاعدة، ورأيت أنه حل يستوجب التفكير من الطرفين الرئيسيين المعنيين وهما إسرائيل ... والولاياتالمتحدة . وهذه أهم نقاط هذا الحل للوطن البديل المقترح لإسرائيل: أعيدوا تموضع إسرائيل في الولاياتالمتحدةالأمريكية الإسرائيليون هم الشعب الذي يحظى بمحبة كبيرة من الأمريكيين. الأمريكيون سيستقبلون الإسرائيليين بأذرع مفتوحة على أراضيهم. الأمريكيون يملكون أراضي شاسعة لاستيعاب إسرائيل باعتبارها الولاية الحادية والخمسين إسرائيل ستحظي بدولة يهودية آمنة محاطة بولايات صديقة حولها. أمريكا لن تقوم بإنفاق 3 بلايين دولار سنوياً من أموال دافعي الضرائب للدفاع عن إسرائيل. تكاليف الانتقال من فلسطين إلى أمريكا ستكون أقل من تكاليف 3 سنوات من النفقات العسكرية الإسرائيلية للحفاظ على أمنها. الفلسطينيون سيستعيدون أرضهم وحياتهم مرة أخرى. سيعود السلام مجددا للشرق الأوسط دون تدخل أجنبي. ستبدأ أسعار النفط بالانخفاض، وكل العالم سيعيش في سعادة؟ نافذة صغيرة: [[لقد انسحب جيشنا من قطاع غزة وذيله بين رجليه وبدون أن يحقق الأهداف التي حددتها الحكومة وعلى رأسها القضاء على قدرات حماس العسكرية، مما يعني أن الجولة القادمة من المواجهة العسكرية مع حركة حماس ستبقى مسألة وقت]]. الكاتب الإسرائيلي اليميني مناحيم بن [email protected]