العلاقة الأخوية بين القطبين العربيين "مصر والمملكة" هي علاقة وثقها التاريخ قبل 87 عامًا، منذ أن وقع المؤسس لهذا الكيان المغفور له الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- معاهدة الصداقة عام 1926، والتي توجت بتلك العبارة البليغة التي أطلقها جلالته، والتي تؤكد على ضرورة أن يظل البلدان على علاقة متميزة ليدرأ عنهما الأخطار، حينما قال: "لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب"، وجاء فيما بعد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليؤكد ثبات المملكة على موقفها تجاه الشقيقة مصر، والعداء لمن يستعديها. وخادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- حينما توقف في مصر خلال عودته من الخارج، أراد أن يوجه رسالة للعالم أجمع بأن وقوفه مع الشقيقة مصر في محنتها يمليه عليه واجب الأخوة، وروح التضامن، وتنفيذ اتفاق المعاهدة التي وقعها والده في العشرينيات من القرن الماضي. كما كان اللقاء الذي جمع الزعيمين على متن الطائرة الخاصة يحمل نفس الروح التي التقيا فيها الملكان الراحلان "عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وفاروق" على متن الباخرة "المحروسة"، ويحمل نفس الدلالة، وحسن الهدف، وكان لذلك اللقاء القصير أصداؤه الإيجابية، ودلالات ارتياح من قبل الجانبين، بالنظر لما تمخض عنه من نتائج مثمرة، تعود على الطرفين بالفائدة، وتشيع في بلديهما الأمن والاستقرار، وإن كان لم يسفر عن ما تم في ذلك اللقاء ما يشبع إعلاميًّا، إلاَّ أن من المؤكد أن الطرفين تعاهدا على أن يكون كل منهما ظهرًا ومكملاً للآخر، يحافظ على أمنه واستقراره، ويتعاونان على مكافحة الإرهاب البغيض. ولقد رأينا كيف انتصرت الدبلوماسية السعودية لهذا التحول الكبير الذي اختاره الشعب المصري عندما قامت بجهود دبلوماسية بدأها سمو الأمير سعود الفيصل بزيارات واتصالات مع شخصيات هامة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها لتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري من أحداث في مصر، ولتوحيد الرؤى حيال هذه الأمور، الأمر الذي نجح في تبدل سياسات تلك الدول تجاه مصر نحو الإيجاب، والإيمان بالواقع الذي اختاره الشعب المصري، وقد سبق هذا الدور بالطبع دور اقتصادي، كان له عظيم الأثر في أن تسترد من خلاله مصر عافيتها الاقتصادية، مكنها ذلك الدور من أن تتجاوز التهديدات التي كانت تطلقها بعض الدول بإيقاف المعونة عنها. ولا يخفى على أحد من المدركين لبواطن الأمور، من كان خلف هذا التبدل في السياسة الأمريكية وإعلانها عن موافقتها على تمرير المعونات الأمريكية بالتعاون مع السعودية والإمارات -كما أعلن وزير خارجيتها كيري مؤخرًا- والإفراج عن صفقة "الأباتشي"، انهم أولئك الذين يكنون لمصر وشعبها الحب، ويتمنون لها دوام الاستقرار. [email protected]