ترجمة د. بشرى الفاضل أصبح جنود المشاة العراقيون منهكين بعد ستة أشهر من قتال المسلحين في غرب العراق، حيث كانوا يقاتلون رجالاً متحمسين لقضيتهم، وتتدفق لهم الأسلحة. ولا يوجد رد من قبل قادة الجيش للكمائن القاتلة اليومية، وليست لهم إستراتيجية أوسع للانتصار في الحرب التي تدور لفترة طويلة. كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وفاة زميل للمشاة قُتل قبل أسبوعين برصاص قنّاص. وقام جندي المشاة بشار الحلبوسي بترك الخدمة في الجيش، وهو الخيار نفسه الذي قام به المئات من الجنود الآخرين في كتيبته.. وقال الحلبوسي: إن الدولة ضعيفة، وستكون هذه معارك لا نهاية لها. بعد شهور من الصراع الحامي ضد حركة الجماعات المتشددة، ها هو الجيش العراقي يجد أن قواته انخفضت روحها المعنوية، وقلّت فاعليتها القتالية، وأصبحت هناك حالات فرار متزايدة، ممّا أدّى إلى تحوّل في مجرى الحرب. وإلى تفتيت مؤسسة مدربة وممولة من قبل الولاياتالمتحدة، وكان من المأمول لدى البعض أن توفر هذه المؤسسة العسكرية للعراقيين الحس السليم بالمواطنة. في بلد ممزق على أساس طائفي، خدم السنة والشيعة معًا في الجيش.. ولكن انشقاق كثير من الجنود السنة يُهدِّد بتعميق الإدراك المتزايد بين السنة في العراق بأن الجيش يُستخدم كأداة لتقوية الشيعة، حتى مع فرار جنود من الشيعة من الخدمة أيضًا. مقاتلو داعش في العراق وسوريا، هم نسخة موسعة من تنظيم القاعدة في العراق ويسيطرون على عدد من المدن في شمال شرق سوريا وغرب العراق. وأدت تكتيكاتهم العنيفة إلى نفور حركة المقاومة السورية منهم، كما فعلت حقيقة تأكيداتهم على إقامة دولة إسلامية بعد إسقاط حكومة الأسد. ومع ذلك تبرّأت القاعدة منهم رسميًّا في فبراير الماضي. وظهرت جماعة داعش المقاتلة باعتبارها القوة للمقاتلين الأجانب الذين يتدفقون إلى سوريا، وهي تستغل فوضى الحرب وتحاول وضع الأساس لإقامة دولة إسلامية. وفي وقت سابق من هذا العام قامت القيادة المركزية للقاعدة بقطع العلاقات مع مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) حيث هرع هؤلاء المقاتلون في بناء أسس لدولة إسلامية وفقا لشروطهم، وقاموا باستعداء حركة المقاومة السورية الواسعة. وازداد عدد القتلى نتيجة للفرار الذي حدث بشكل حاد يوم الثلاثاء، حيث تخلى الجنود وقادتهم عن قواعد في الموصل، وأدى ذلك إلى التنازل عن ثاني أكبر مدينة في العراق للمقاتلين المتطرفين الذين ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش).. حيث غادر الجنود الفارون الأسلحة والمركبات وحتى زيهم وراءهم، واستولى المقاتلون المسلحون على خمس منشآت للجيش على الأقل ومطار المدينة. في محاولة يائسة لوقف الخسائر، تم تقليص عمليات الجيش، وتم قصف قواعده الخاصة لتجنب تسليم المزيد من الأسلحة للعدو. وأكد مسؤولون أمريكيون أن الأربعة عشر مليار دولار التي كانت الولاياتالمتحدة قد أنفقتها على قوات الأمن العراقية في سبيل إعدادهم لحماية البلاد بعد أن اضطرت القوات الأمريكية لتركه والمغادرة لم تؤدِ إلى النتائج المرجوة بالنظر إلى الحالة الراهنة والصور الواردة من الموصل لمقاتلين مناوئين للحكومة العراقية، وهم يستعرضون مركبات ال(همفي) التي استولوا عليها. واكتسبت الأزمة في العراق زخمًا، كما اكتسب المتطرفون قوة، واستولوا على أراضي في أنحاء شمال وغرب البلاد، في الوقت الذي ترك فيه الجنود مواقعهم. وفي مقابلات على مدى عدة أيام، قال جنود وقادة في الجيش العراقي إن الفرار أصبح على نطاق واسع، حيث إن آلاف من الرجال ألقوا أسلحتهم، واندلعت النيران على وحدات خط المواجهة في جميع أنحاء البلاد. وقبل أن تنحلّ القوات الحكومية في الموصل كان الجيش يفقد ما يصل إلى 300 جندي يوميًّا ما بين فرار، ووفيات وإصابات، وفقاً لمحلل أمني يعمل مع الحكومة العراقية فضّل عدم الكشف عن اسمه.. وقال جندي سابق اسمه الأول "محمد"، أنه كان قد خدم في الرمادي، وأن زملاءه بدأوا في ترك الخدمة العسكرية قبل أشهر، حيث بدأت الوفيات في تصاعد مستمر. وأضاف "محمد" البالغ من العمر 24 عامًا: شعرت وكأني كنت أقاتل عددًا من الجيوش، وليس جيشا واحداً. حيث جاء المتشددون في موجات، وكانوا يرسلون انتحارييهم عندما يصبح هناك نقص في ذخائرهم. وقال "محمد": إن ثمانية من زملائه قتلوا وأنه كاد أن يُقتل أيضًا عندما انفجرت قذيفة هاون في الهمفي التي كان بداخلها. وقال: إنه عندما شعر بأن المتشددين يستهدفونه باعتباره هدفًا للاغتيال، اضطر إلى الفرار.