نشرت الحياة (12 مايو) خبراً من مدينة ينبع عن شروع جهات حكومية في التحقق من تهم موجهة إلى مسؤول في كتابة العدل فيها باستغلال النفوذ بما في ذلك التجاوزات الإدارية والمالية. ويُقال إن الموظف الشاكي أرفق مع شكواه المستندات التي تؤكد صحة أقواله، والتي رفعها إلى عدة جهات منها هيئة مكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق العام ووزارة العدل ومحافظة ينبع. وأما المؤلم فهو الساري حالياً في معظم الدوائر الحكومية والذي يعبر عنه الموظف بقوله: (في حال رفع موظف أو مراجع شكوى حول ما حصل له «من المتهم» فإن الإجراء المعتاد أن يُسأل الرئيس «المتهم» فينفي التهمة، ويؤكد للوزارة أن الموظف أو المراجع يريد كسر النظام ويحاول تشويه سمعته لأنه لم يستجب لإرادته). لنكن صرحاء إلى آخر مدى: هنا تكمن العلة! شكوى ضد مسؤول تنتهي إلى المسؤول نفسه ليرد عليها الى المسؤول الذي يرأس المسؤول، لتصبح الإدارات التي تتبعه ... كلها «ألف تمام يا فندم». هذا الأسلوب التقليدي المتبع يؤصل للممارسات الخاطئة طالما أن الممارس هو في النهاية الخصم والحكم. وحتى الجهات الرقابية تكتفي بالكتابة إلى مرجع المتهم بالتقصير الذي بدوره يستفسر من «المتهم» عن «المتهم» وليعود الجواب على وجه السرعة.. كله تمام، وأن الشاكي كاسر للنظام عدو للوطن محب للفوضى إلى آخر المنظومة الاتهامية المعاكسة. !! وكتابة عدل ينبع نموذج لإدارات أخرى ، لكن كل يؤثر السلامة ويفضل الصمت لعدة أسباب منها الرغبة في النجاة، فالشكوى حتماً ستعطل مصالحه، وهو أول إجراء انتقامي يمارسه المسؤول المتهم أياً كان بهدف «تربية» الشاكي أو المعترض، وحتى (يريه نجوم الليل في عز النهار). وأما السبب الأهم فهو النهاية المؤسفة التي تنتهي إليها الشكوى، وهي غالباً الحفظ في الأدراج العتيقة إن كان الشاكي محظوظاً أو إحالته إلى التحقيق والتأديب تحت طائلة قائمة من الاتهامات المعاكسة في معظم الأحيان. وطالما كان هذا الأسلوب هو السائد فلن يكون المنتج إلا مزيداً من التجاوز بصوره الظاهرة والباطنة. [email protected]