مؤخرًا، صدرت موافقة المليك المُفدَّى على إنشاء جامعة حكومية أخرى في جدة تساند شقيقتها الكبرى، بل أمها الرؤوم جامعة الملك عبدالعزيز. وحجم المساندة واضح؛ إذ ستبدأ بثماني عشرة كلية علمية بما فيها تلك التي في خليص والكامل، فضلًا عن عمادات وإدارات مساندة. وللعلم فهذا العدد من الكليات والعمادات لم تبلغه الجامعة الأم نفسها إلا بعد أكثر من 40 سنة على إنشائها، وتلكم هي السنة الطبيعية المتدرجة. باختصار، كثير من جامعاتنا الجديدة تُولد بالغة فتية، لا تمر بمراحل النمو الطبيعية التي تمنحها شخصية مستقلة ذات كيان مختلف وجينات (أوريجنال)، وصبغة لا ترتبط بالأصل إلا بقدر ارتباط الطفل بالحبل السري. وليس ذلك عيبًا في حد ذاته، لكنه في نهاية المطاف يساعد على توالد نسخ مكررة تفتقر إلى التجديد والإبداع أو لِنَقُل التنوع والتعدد. وعلى حد علمي يصعب اليوم التفريق بين الكليات المتشابهة في جامعاتنا الحكومية، فكُلٌّ يزعم أنه الأفضل والأحسن، ولا دليل على ذلك سوى سمعة قديمة أو انطباع شخصي أو مجاملة للنفس. وبصراحة ليس الهدف تحديد من الأفضل أو الأردأ، لكن من المستحسن أن أدرك الفروق العشرة أو المائة بين كلية (أ) في جامعة (س) ونظيرتها كلية (ب) في جامعة (ص). ومن الفوارق المهمة مثلًا المستويات العلمية للصفوة من خريجيها، وليمثل هؤلاء الملتحقون بوظيفة "معيد"! كم من السنوات أمضى كل من هؤلاء مبتعثًا يحضر لدرجتي الماجستير والدكتوراه؟ وما هو المعدل لكل فئة؟ وما أسباب تأخر نيلهم للدرجات العليا مع كل التسهيلات التي يحظى بها مبتعثو اليوم مقارنة بمبتعثي الأمس، بما في ذلك وسائل التواصل مع الأهل والأحباب التي تكاد تزيل كل عوازل البعد والاغتراب. جامعة جدة هدية يستحقها أهالي المحافظة الكبيرة، فالشكر لولي الأمر أولاُ، ثم لوزارة التعليم العالي بقيادة وزيرها الدكتور خالد العنقري، ولمجلس التعليم العالي، ولجامعتنا المحبوبة جامعة المؤسس، ولكل من ساهم في بزوغ فجر صرح تعليمي جديد في بلادنا الغالية وحجازنا الكبير. جامعة جدة وشقيقاتها في بيشة وحفر الباطن؛ ترسم معالم جديدة في سجل الإنجازات التعليمية في هذا العهد الميمون. [email protected]